أنت هنا

قراءة كتاب دافيد بن جوريون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دافيد بن جوريون

دافيد بن جوريون

كتاب " دافيد بن جوريون " ، تأليف تهاني سلامة هلسة ، والذي صدر عن دار آمنة للنشر

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7

هجرة بن جوريون إلى فلسطين

عندما عاد شالوم لزيارة أهله في بلونسك قرر بن جوريون أن يرافقه حين عودته إلى فلسطين.

وفي طريقهما مرا بمدينة أودسه لمقابلة مناحيم يوسيسشكين Ussisshkin زعيم الصهيونيين الروس وعرضا عليه تحرير جريدة في فلسطين وأرسالها إلى أوروبه الشرقية, ولكن هذا الزعيم لم يتحمس للفكرة([19]).

جاء بن جوريون إلى فلسطين عام 1906, ومنذ وصوله انضم إلى حركة عمال صهيون. لم يرغب في البقاء في يافا بل آثر العمل في الأرض لأن العمل هو المعنى الرمزي لوجوده في فلسطين ولذلك ذهب إلى مستعمرة بتاح تكفا (ملبس ). ويصف بن جوريون ذهابه إلى فلسطين في فصل عنوانه في اليهودية والجليل في كتابه بعث إسرائيل ومصيرها من صفحه 7-28 . ويقول أنه لم يستطع النوم في أول ليلة وصل فيها إلى فلسطين لأن مشاعره غلبته: هذه الليلة محفورة في ذاكرتي بكل ما تعني من فرح ونجاح ... أنني في أرض إسرائيل ... وأرض إسرائيل حولي أينما توجهت. أنني أسير على أرضها وانظر إلى سمائها ونجموها التي لم أراها من قبل .. جلست طيلة الليل أفكر في سمائي الجديدة .

وفي بتاح تكفا فوجئ بن جوريون بالرفض من الملاّك اليهود اللذين أخبروه بأنهم يفضلون العمال العرب على العمال اليهود. ولكنه بعد محاولات وجد عملا. ولا بد من كلمة في هذا المجال لوصف حالة اليهود في فلسطين عند مجيء بن جوريون. كان اليهود في ذلك الوقت ينقسمون إلى فئتين :

أولا : اليهود الوطنيون الذين ولدوا في فلسطين وعددهم حوالي 50000 وهم متدينون جدا ومتفاهمون مع العرب والأتراك إلى حد بعيد ويعيشون على الإحسان من الجاليات اليهودية في البلدان الأخرى. ومعظمهم كان يعيش في القدس والخليل وطبرية وصفد.

ثانيا: اليهود المهاجرون من أوروبه الشرقية وكانوا حوالي 30000 ولكنهم لم يكونوا يمارسون العمل بأنفسهم بل كانوا ملاّكا يعتمدون على العمال العرب([20]). وكانوا لا يخفون نواياهم الاستعمارية.

وفي العام نفسه الذي جاء فيه بن جوريون إلى فلسطين عقد أول مؤتمر لعمال صهيون في فلسطين, وشغل بن جوريون منصب رئيس المؤتمر([21]) . وفي هذا المؤتمر صدر قرار تكون اتحاد العمال وقد أصرّ بن جوريون على إضافة كلمة اليهود ليصبح اتحاد العمال اليهود, ومع أن الجميع كانوا ضده إلا أنه في النهاية نجح في فرض رأيه. لقد كان يزعم أنه اشتراكي ولكنه كان يريد من حزبه أن يضم فكرة الحركة اليهودية القومية . وقد قال له أحد أصحابه: أنني مستعد للكلام بالعبرية ولكن كيف أفسر ذلك في النظرية الماركسية ! ([22]) ولكن بن جوريون لم يكن يهمه أي تناقض لأنه كان مستعدا أن يتبع أية طريقة لبلوغ أهدافه.

ثم انتخب العمال بن جوريون ليمثلهم أمام القائمين على معاصر روتشيلد وهناك بدأ أول عمل نقابي له إذ رتب إضرابا في حقول ريشون ليزون. وهكذا أصبح شخصية مشهورة في الحزب. وبعد ذلك انتخب رئيسا للجنة مكونة من عشرة أفراد في الحزب ليبحثوا في أمر إنشاء جريدة- وكان النقاش يدور حول اللغة التي يجب أن تصدر بها الجريدة, اليديشية أم العبرية. ثم بحثت طرق جذب العمال اليهود إلى فلسطين وكيفية الحصول على ضمانات العمل اليهودي في القرى اليهودية. في البداية لم يحددوا موقفهم من العامل العربي علنا وبصراحة ولكنهم وجهوا عداءهم إلى المزارعين والملاك اليهود([23]). لأن بن جوريون واتباعه رأوا أن هذه الطبقة في فلسطين مثل يهود أوروبه لا تريد إلا الربح. ثم انتقل بن جوريون من بتاح تكفا إلى كفار سابا وهي أراضي اشتراها مزارعو بتاح تكفا. وفي خريف العام 1907 عقد مؤتمر ثان لعمال صهيون في فلسطين وانتخب بن جوريون مع لجنة لوضع برنامج الحزب. ووضع البرنامج في الرملة وكان في الحقيقة تعديلا بسيطا للإعلان الشيوعي The Communist Manifisto . وقد نجح في وضع آرائه أيضا في برنامج الحزب : الحزب يهدف إلى الاستقلال السياسي لليهود في هذه البلاد ([24])وقد كان معه في هذه اللجنة إسحاق بن زفي – (هرب بن زفي من روسيه بعد أن عرف عنه أنه كوّن مجموعات دفاع عن النفس في روسيه وقد ألتقى مع بن جوريون في بتاح تكفا عام 1907 ).

وقرر المجتمعون في المؤتمر الثاني إبلاغ يهود العالم بالحقائق كاملة وعدم إخفاء الأحوال السيئة التي تنتظر العامل اليهودي الذي يريد الهجرة حتى لا يخيب أمله عند الحضور إلى فلسطين. وقرروا إصدار الجريدة التي كانوا يبحثون أمرها باللغة اليديشية وليس باللغة العبرية كما كان بن جوريون يريد. كما قرروا إرسال إسحاق بن زفي لحضور المؤتمر الصهيوني القادم ليطلع الصهيونيين على الحالة بين الملاّك اليهود ليحرض المؤتمر ضدهم ويتهمهم بالتحيز ضد العمال وتفضيلهم العمال العرب([25]).

الصفحات