أنت هنا

قراءة كتاب دافيد بن جوريون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دافيد بن جوريون

دافيد بن جوريون

كتاب " دافيد بن جوريون " ، تأليف تهاني سلامة هلسة ، والذي صدر عن دار آمنة للنشر

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

ثم انتقل بن جوريون إلى الجليل وقد فرح جدا لأنه لم ير في الجليل أصحاب دكاكين ومرابين وطفيليين ([26]).

بالطبع فإن هذه هي عقدة اليهود. وثورة الدعاة الصهيونيين على هذا النمط من الحياة رد فعل لهذه العقدة لأنهم كانوا يريدون أن يبدأ اليهود حياة جديدة قوامها العمل – العمل الزراعي والصناعي, أن أرادوا النجاح في استعمار فلسطين, وذلك لأن اليهود في الجيتو كانوا يمنعون من ممارسة هذه الأعمال .

وفي الجليل سكن في مستعمرة سيجيرا ( أي الشجرة ), وقد أنشئت بواسطة صندوق الاستعمار اليهودي The Jewish Colonial Association, الذي كان يموله البارون هيرش من باريس لتوطين اليهود. وكان العمال يشتغلون في أماكن من هذا النوع لتحضيرها لاستيطان اليهود الذين يودون الهجرة. وكان العمال عادة شبانا صغارا متحمسين للاستعمار شعارهم الغلبة للعمل ولم يكن السكن الدائم هدفهم ([27]). وفي الجليل كانت الحال تختلف بالنسبة للعلاقة بين العرب واليهود, إذا لم يكن العرب يشتغلون عند اليهود كما كانوا في يافا والجنوب. وكان اليهود في الشمال يستأجرون الشركس لحمايتهم وذلك لأن الصهيونيين اكتشفوا مقاومة العرب لمخططاتهم.

وقد كانت الحكومة التركية تعامل الشركس بطريقة أفضل من الطريقة التي كانت تعامل بها العرب وتعيّن شيوخهم في مراكز عسكرية عالية مما أقام حاجزا بين العرب والشركس وجعل الشركس يتعاونون مع المستوطنين اليهود ضد العرب في حالات كثيرة([28]). غير أن العمال اليهود وعلى رأسهم بن جوريون رأوا أنه يجب عليهم عدم الاعتماد لا على العرب ولا الشركس بحجة حماية أنفسهم بأنفسهم. وأثارت هذه البادرة رعب المزارعين الذين رأوا أنه ليس من مصلحتهم إثارة المزيد من مخاوف العرب, وأن حمل السلاح ليس من صفاتهم وليست لهم الشجاعة الكافية للصمود أمام العرب وأن العرب, لكثرة عددهم بالنسبة لليهود, لو أرادوا لأبادوا اليهود في يوم واحد, وكما يدل على أن العرب لم يعادوا المزارعين اليهود لمجرد أنهم يهود,ولم يبدأوا بالعداء إلا حينما بدأ اليهود باستعمار الأرض العربية. فحتى الحرب العالمية الأولى لم يظهر العرب أي عداء لليهود وبعد الحرب بدأ العرب يطالبون بتقرير المصير كما كانت الشعوب الأخرى تنادي والحلفاء يبشرون ولم يعاد العرب اليهود لأنهم يهود بل لأنهم يقفون عثرة في سبيل استقلالهم. ولكن بن جوريون وجماعته انتصروا لفكرتهم وكلموا المسؤول التركي وطلبوا منه أسلحة ووافق الأتراك على طلبهم ما دام هذا الطلب يؤذي العرب. ويصف بن جوريون شعورهم عند الحصول على الأسلحة فيقول : كنا ننتظر مجيء الأسلحة ليلاً نهاراً ولم يكن لنا حديث إلا الأسلحة، وعندما جاءتنا الأسلحة لم تسعنا الدنيا لفرط فرحتنا ... كنا نلعب بالأسلحة كالأطفال، ولم نعد نشتريها أبداً، كنا نقرأ ونأكل ونتكلم والبنادق في أيدينا أو على أكتافنا([29]).

هذه الفرحة لا تدل إلا على الحقد المرير والنزعة العدوانية والتصميم على سلوك العنف. لقد كان هدف بن جوريون تكوين نواه لقوة مقاتلة. لقد اختار اسم مقاتل لقبا له ولم يختر اسم عالم أو نبي أو حكيم من حكمائهم. في ذلك الوقت لم يكن هناك خطر حقيقي – أن الحوادث التي يسردها ويصفها بإسهاب كانت سرقات عادية والقتل كان نادرا ولم يكن موجها لليهود كيهود. ولكن بن جوريون كان يؤكد بوجوب خلق أمة في هذه البلاد, أمة تحكم نفسها وتحقق إرادتها بالقوة والعنف ولا تعتمد على مرتزقة ربما تركوها أو ثاروا ضدها . لقد كان هذا تفكيره في العام 1909. وكانت (سيجيرا) أول مستعمرة يهودية حراسها يهود منها. وبالطبع تبعتها مستعمرات أخرى بالتدريج. وهكذا كوّن بن جوريون وبن زفي وأتباعهما فرقة الحراس هاشومير. وقد كوّن الهاشومير على نمط جماعات الدفاع الذاتي في روسيه. وقد كان شعارهم بالدم والنار سقطت اليهودية وبالدم والنار ستقوم ثانية ([30]). إن هذه العقلية هي نتاج المخطط الصهيوني. لقد جاءوا ليطبقوها على العرب الذين يشهد التاريخ بأنهم عاملوا اليهود بكل كرم وسخاء وتسامح وأكبر دليل على ذلك حالة اليهود في إسبانيه أيام الحكم العربي لها.

الصفحات