أنت هنا

قراءة كتاب أحلام الياسمين في زمن الرخام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أحلام الياسمين في زمن الرخام

أحلام الياسمين في زمن الرخام

تمزج رواية الدكتورة آية عبدالله الأسمر "أحلام الياسمين في زمن الرخام"، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، بين الحب والمشاعر الانسانية والواقع السياسي والاجتماعي في عالمنا العربي.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5
* لقد قلتها يا أحلام، إنها القوانين والأنظمة، ونحن لا نملك تجاهها شيئًا، كما أنك لست وحدك من تعاني من هذه المشكلة، هي مشكلة ممتدة الجذور في عمق القوانين والروتين والنظام في معظم جامعات العالم تقريبًا، وقدرة الإنسان المتميز تكمن هنا، تكمن في قدرته على تطويع الظروف المتاحة له لمصلحته ليخلق منها الإنسان الذي يريد، القوة الحقيقية ليست في أن تتيسر جميع المعطيات التي نرغب بها حتى نصنع منها ما نريد، بل القوة الحقيقية تسكن في إرادة جبارة قادرة على قلب المعادلات لصالحها، قادرة على تسخير كل المعطيات مهما كانت قاسية ومجحفة وعكسية، تسخيرها لما يناسبها، فللعسل نحله اللاسع، وللوردة شوكها المدمي يا أحلام·
 
ولكن يا سوسن، لو كنت شابًا لما اضطررت لأن أتحمل كل هذه المشقة، ولسافرت مثل أخي أسعد إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الهندسة، لِمَ استطاع هو وحده أن يدرس في الكلية التي يرغب وفي البلد الذي يريد؟·
 
* ظروف أسرتك يا أحلام···
 
أرجوك لا تقولي ظروف أسرتي، فظروف أسرتي مكنتهم من إرسال أخي أوس الذي نجح بمعدل دراسي منخفض العام الماضي إلى الجامعة الأمريكية في القاهرة، لدراسة إدارة الأعمال· إنها ليست ظروف أسرتي، لكنها عقليتهم المحنطة في توابيت التعفن الفكري التقليدي، إنه والدي الأناني الظالم، آه لو يعلم كم أكرهه، فهو وحده المسؤول عما أعانيه منذ سنوات، بل منذ طفولتي، وما سأعانيه وسأبقى أعانيه طوال عمري·
 
* أحلام، لا تكوني وقحة، إنه والدك·
 
والدي؟ أنا لا أعترف بوالدي، لأنه لم يعترف بي كإنسانة لها حق الاختيار كأخوَي، سوسن أنا قد حصلت في الثانوية العامة على معدل يفوق معدليهما الاثنين معًا، لِمَ لَمْ يكن عادلاً بيننا إذًا؟ لِمَ لم يكافئنا كلاً حسب جهده؟ يحجب الثقة عني مع جدارتي بها؟ لِمَ لا يعتمد علي فأنا أهل لذلك؟ لم يرفض الإنفاق علي بسخاء مثل أخوي؟ لأنني فتاة؟ لأنني سأتزوج؟ وهل ينتظر من أسعد أو أوس أن يساعداه في المستقبل؟ هل يظن هذا المسكين البائس أنهما سيشعران نحوه بالولاء؟؟ لا، أقسم أن لن يفعلا، أؤكد لك ذلك، فها هو أخي أسعد، لقد أنهى دراسته منذ حوالى ثلاث سنوات، لم نره خلالها سوى مرة واحدة ولمدة أسبوع واحد فقط!·
 
ثم ارتفع صوتها بنبرات مهزوزة متشنجة يقطعها البكاء، وقد عاد جسدها ينتفض مرة أخرى وهطلت دموعها من جديد، وتابعت:
 
لِمَ لم يفكر هذا الأحمق مثل والد شيماء صديقتي؟ لقد أرسلها والدها إلى كندا لدراسة هندسة الجينات الوراثية، وهو يفاخر بها وبقوة شخصيتها وبذكائها الفذ، وتفوقها المتميز وقدرتها على تحمل المسؤولية وإصرارها على الاستمرار، إنه يفاخر بها أكثر من أخيها· لقد أرسلها إلى كندا وهو مؤمن بأن التعليم الجامعي للإناث أضحى ضرورة تفوق بكثير التعليم الجامعي للذكور، وذلك كي يضمن لها حياة كريمة تجنبها ذل الحاجة والتشرد بعد موته، فلا تضطر للانزلاق في مسلك قذر يدفعها له الجهل والفقر والحاجة، لِمَ فكر والد شيماء بمستقبلها بطريقة واعية مثقفة؟ لقد أرادها شابة حاصلة على أحسن الشهادات الجامعية من أرقى جامعات العالم، محققًا لها بذلك وضعًا اجتماعيًا مميزًا من ناحية، وواهبًا إياها حياة عزيزة لا تكون فيها عالة على أحد من ناحية أخرى· لِمَ لَمْ يكن والد شيماء والدي؟ لِمَ والدي أنا هذا الأكرم أبو العزم المحترق أنانيةً وجهلاً وتخلفًا؟ لِمَ، لِمَ؟·

الصفحات