أنت هنا

قراءة كتاب ليلى والثلج ولودميلا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ليلى والثلج ولودميلا

ليلى والثلج ولودميلا

خرج الاتحاد السوفياتي منتصراً من الحرب العالمية الثانية وانشغل ببناء ترسانته الحربية عن إصلاح حال اقتصاده الداخلي المنهك جراء الحرب وبهذا فتح الباب امام عدد من الحركات التحررية للظهور ودخل الإتحاد في مرحلة إعادة البناء "البيريسترويكا" التي أدت إلى انهيار ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
عندما صاغت المعادلة بهذا الشكل، شعرت بالراحة، فهذه المعادلة لم تقدم للآخرين تبريرا منطقيا ومقنعا لوحدتها، وإنما كانت أيضا بمثابة حجة دامغة حسمت بها أي شطحة، من تلك الشطحات، يمكن أن تدور في رحاب روحها·
 
ولكن! هل حسمت بالفعل؟ - تساءلت في نفسها - وهل، وهذا هو السؤال الأهم، إن هذه المعادلة، أي الدراسة والعمل، هي السبب الفعلي الذي يعيق الحب؟ أم أنني ببساطة وبصراحة أستعملها كدرع أداري خلفه فشلا عاطفيا ذريعا عانيت وما زلت أعاني منه؟!
 
لم تفكر ليلى بهذه الأسئلة بقدر ما شعرت بها تعوم وسط فراغ يتسع ويتسع ويلتهمها من الداخل شيئا فشيئا·
 
صديقتها لودا، ذات الإحساس الفطري بالحقيقة، هي الوحيدة التي لم تعر يوما مبرراتها أدنى اهتمام· فكلما التقتا كانت تعيد الكلام نفسه:
 
- إن عمر الإنسان بشكل عام أقصر بكثير مما نتصور، أما نحن النساء يا عزيزتي، فالوضع بالنسبة لنا سيئ للغاية، ذلك أن لنا مدة صلاحية محدودة سرعان ما تنتهي دون أن نشعر بها! - كانت تقول ذلك مازحة ثم تكف عن التهكم وتستطرد:
 
- إنني حقا لا أفهم كيف يمكنك أن تبددي شبابك هكذا، وببساطة: بلا حب! لماذا تصرين على البقاء وحيدة؟ اسمعي، ما الذي يمنعك من أن تحبي أحدهم وتعيشي معه، ليس بالضرورة أن تتزوجيه وتتحملي مسئولية عائلة، فأنا أوافقك بأن الدراسة أهم، ولكن عيشي معه فقط، فربما يخفف عنك عبء الوحدة!
 
بيد أن الاختلاف الشاسع ما بين ثقافتيهما كان دائما يقف عائقا دون تفهم لودا أسباب رفض ليلى، وإذ شرحت ليلى ذات مرة قوانين مجتمعها الصارمة بهذا الشأن، هزت لودا كتفها وهي تقول بتعجب:
 
- لقد سمعت عن ذلك، لكنني عاجزة عن فهمه ولا أستطيع تصوره على أرض الواقع، مثلما أنا عاجزة عن فهم الكثير من الحقائق الغامضة والمريعة، كالموت مثلا!
 
كالموت مثلا تردد هذا التشبيه في ذاكرة ليلى فيما كانت تسير· والغريب، وربما كان سبب ذلك يعود إلى الربيع، أنها وجدت نفسها تستهجن الأمر كما استهجنته لودا! بل إنها اندهشت من نفسها، مثل إنسان يعيش وسط الجليد ويندهش ذات مرة إذ يكتشف نفسه يرتجف بردا· وتذكرت، مع العلم أنها لم تنس، أنه لم يبق على وجودها في بطرسبورغ سوى عدة أشهر، ستعود بعدها، وستمنح أباها كل مقومات الافتخار بها: شهادة طبيبة متخصصة، وعشر سنوات من الغربة لم تصله خلالها ولو كلمة وحيدة تدنس أو تمس سمعتها·

الصفحات