أنت هنا

قراءة كتاب ليلى والثلج ولودميلا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ليلى والثلج ولودميلا

ليلى والثلج ولودميلا

خرج الاتحاد السوفياتي منتصراً من الحرب العالمية الثانية وانشغل ببناء ترسانته الحربية عن إصلاح حال اقتصاده الداخلي المنهك جراء الحرب وبهذا فتح الباب امام عدد من الحركات التحررية للظهور ودخل الإتحاد في مرحلة إعادة البناء "البيريسترويكا" التي أدت إلى انهيار ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
رشيد
 
جاء رشيد الشاب الثوري المتحمس إلى الاتحاد السوفيتي - كان ذلك قبل مجيء ليلى بستة أعوام - وفي ذهنه تشتعل صورة ماتيلدا، العشيقة والرفيقة والصديقة، تلك الصورة التي رسمها بابلو نيرودا في قصائده بروعة، فحفظ رشيد تلك القصائد عن ظهر قلب، بل وبمضي الأيام صار يملك حبيبة متخيلة باسم ماتيلدا، كتب يخاطبها بالخط العريض على باب خزانته في السكن الطلابي:
 
نظفي هذه البندقية يا رفيقة!
 
قبليني مرة أخرى يا صديقه·
 
كتب رشيد بيت الشعر ذاك مع أن صورة العشيقة، الرفيقة، كانت تحطمت بعد وصوله إلى لينينغراد، إذ فوجئ بالفتيات الشقراوات ذوات الأجساد المكتنزة والعيون الملونة، أولئك اللواتي طالما تمعن في صورهن المنشورة في أعداد مجلة المدار المترجمة إلى اللغة العربية، وهن يقدن التراكتورات أو يقفن خلف الماكينات في المصانع أو يحملن حزما من سنابل القمح ويسرن في الحقل، لقد فوجئ بهن لا يفقهن شيئا في السياسة أو في النضال! لكنهن كن على استعداد للاستماع إلى لغته الروسية المكسرة وهو يحاول جاهدا أن يشرح لهن ظلم الرأسمالية ومساوءها، لاسيما أنه قادم من بلد يعاني من نير التبعية لها· كانت معالم الشفقة المصطنعة ترتسم على وجوههن نتيجة تعاطفهن، فيما هو يحدثهن، عن عمال بلده البائسين، وعن نساء بلده اللواتي يناضلن من أجل مساواتهن في الحقوق مع الرجال، وعن الأسعار المرتفعة للطب والتعليم، وعن السجون والقمع والفساد·
 
كان يحدثهن بحماسة بهدف تثقيفهن سياسيا، فقد كان يؤمن أن الواجب الأممي يحتم عليه أن يفتح عيون هؤلاء الشقراوات الجميلات على الحقيقة!
 
ربما الأجدى بك أن تفكر بفتح ما هو أمتع من فتح العيون! علق أحد أصدقائه ذات مرة ضاحكا، عندما لاحظ أن الوقت يمر ورشيد لم يتخذ لنفسه صديقة بعد· لكن رشيدا ظل يدعي أنه يفضل أن يبقى بلا صديقة على أن يصادق فتاة جاهلة ساذجة، تتوهم أن الحياة في الخارج رائعة، وأن الناس هنا محرومون من كل شيء·
 
وعلى الرغم من أنه قرر أن لا يدخل في نقاشات لا طائل منها مع الجميلات، فإنه كان ما يلبث أن ينجر وبحماسة منقطعة النظير إلى تلك النقاشات، خاصة عندما تجري المقارنة بين الحياة في الخارج وبين الحياة في الاتحاد السوفييتي، فيستميت ليثبت مدى عدالة النظام الاشتراكي الذي يعشن في كنفه· في النهاية كن يصمتن ويأخذن بتحين الفرص كي يسألنه إن كان بوسعه أن يوفر لهن شيئا ما من ذلك الخارج : بنطلون جينز أو إكسسوارات أو مواد تجميل وعطور أو البوم صور له جيوب شفافة توضع الصور بداخلها!

الصفحات