أنت هنا

قراءة كتاب ليلى والثلج ولودميلا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ليلى والثلج ولودميلا

ليلى والثلج ولودميلا

خرج الاتحاد السوفياتي منتصراً من الحرب العالمية الثانية وانشغل ببناء ترسانته الحربية عن إصلاح حال اقتصاده الداخلي المنهك جراء الحرب وبهذا فتح الباب امام عدد من الحركات التحررية للظهور ودخل الإتحاد في مرحلة إعادة البناء "البيريسترويكا" التي أدت إلى انهيار ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
لقد فهم رشيد، الذي كان يقود المنظمة الحزبية والعمل الطلابي في المدينة، نظرات التعجب في عينيها، فاقترب منها ذات مرة قائلا بصوت خفيض، لا خوف من أن يسمعه أحد، وإنما حتى يبعث الطمأنينة في نفسها:
 
- أنت أيضا ستعتادين الحرية!
 
وقتها لم تتساءل ليلى عن أي حرية يقصد، كان مفهوما لها أنه يقصد الحرية السياسية، ليس لأنه لا يوجد أية مضامين أخرى للحرية، بل لأن جميع هذه المضامين كانت تتلاشى وتبدو ليست ذات أهمية أمام مفهوم الحرية السياسية·
 
ومع أن نبرة رشيد كانت واثقة، فإن ليلى ظلت تستهجن شعور الطلاب الآخرين بالأمان· لقد كانوا يتحدثون ويتصرفون بحرية غير آبهين للقيود، كما لو أن بعدهم عن الوطن كان كفيلا بتدميرها تماما·
 
لكنها بعد ذلك بسنين فهمت أنهم كانوا يتحدثون بصوت عال، لا بسبب إحساسهم الفعلي بالحرية، وإنما بسبب رغبتهم الجامحة في الظهور بمظهر الأحرار!
 
أما لها، فقد ظلت الحرية ( السياسية ) تبدو كالحلم، إلى أن برق هذا الحلم ذات مرة في الأفق· حدث ذلك عندما وجدت نفسها وهي تتمشى في نزهة مسائية، تتوقف مأخوذة برؤية العلم الحريري الأحمر ذي المنجل والشاكوش، يرفرف ويتوهج عاليا في السماء· كان علما حقيقيا محمولا على سارية عالية في وسط ساحة واسعة محاطة بأضواء أرضية مسلطة عليه· كانت الساحة بأضوائها حقيقية، وكان لون العلم أحمر بالفعل، وكان يتوهج بالفعل كالجمرة في سماء حقيقية لا متناهية مكسوة بشال أسود مخملي تقطر منه النجوم· ظلت ترفع نظرها محدقة به وقد اقشعر جسدها، كما لو أنها لامست الحلم، ورأته بعينيها، واقعا قائما حرا قويا وعظيما، فآمنت أنه ممكن·
 
ومع ذلك، فإنها لم تتجرأ لفترة طويلة على الحديث بصوت عال، ليس في السياسة وحسب، وإنما في كل شيء· فقد كانت بحاجة إلى أن تسمع هي صوتها قبل أن تخاطب به الآخرين، صوتها الذي كانت كلما حاولت الانصات إليه تجده في داخلها مشتتا وضعيفا·
 
أما المعاناة الأولية للغربة فلم تكن بالرهبة ذاتها التي تخيلتها، على الرغم من أن كل شيء من حولها كان جديدا غير مألوف، إذ إنها، حتى في أشدّ لحظات ارتباكها وحيرتها، كانت تجد رشيدا إلى قربها، يعاملها بود أبوي، وإذا ما لاحظ قلقها يظل إلى جانبها صامتا، ولكن على استعداد لأن يفعل كل ما يخطر ببالها كما لو كان يقول: لا تقلقي، فها أنا ذا إلى جانبك، حاضر دوما!

الصفحات