قراءة كتاب العلاقات الإنسانية في المؤسسات الصناعية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العلاقات الإنسانية في المؤسسات الصناعية

العلاقات الإنسانية في المؤسسات الصناعية

تعتبر العلاقات الإنسانية التي تقوم على التفاهم والتعاون والاحترام المتبادل والثقة المتبادلة بين أعضاء الجماعة العاملة على اختلاف مراتبهم ومستوياتهم.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 9

حركة القياس السيكولوجي

في مطلع القرن الماضي قفز علم نفس الفروق وثبات سريعة. فقد خرج الباحثان الفرنسيان ( binet )و( simon) بأول مقياس شامل لاختبار الذكاء في عام 1905. وهو اختبار يستطيع تقدير مستوى الذكاء منذ سن الطفولة إلى سن الرشد؛ ومنه يمكن تقدير الفروق الفردية في الذكاء بين طلاب الصف الواحد، أو عمال المصنع الواحد، أو جنود الكتيبة الواحدة. وسرعان ما ترجم هذا الاختبار إلى إلى عدة لغات وطبق في بلاد كثيرة. بل سرعان ما قام الجدل حول طبيعة الذكاء. أهو قدرة عامة واحدة وملكة مستقلة، أم هو مؤلف من عدة قدرات، وحتى إذا سلمنا أن الذكاء قدرة عامة واحدة، أفلا توجه إلى جانبه قدرات أخرى، وما هي هذه القدرات، وما الصلة بين بعضها وبعض، وكيف السبيل إلى قياسها.
لا شك أن الذكاء ضروري للنجاح في كثير من المهن، لكنه لا يكفي وحده للنجاح في أخرى. فقد يكون الفرد على درجة عالية من الذكاء لكنه لا يصلح أن يكون جراحاً ناجحاً، أو خراطاً أو نجار أثاث ناجح أو مشرفاً ناجحاً على العمال.
وقد أفاد علم النفس الصناعي الناشئ من حركة القياس هذه، خاصة في مسائل "المواءمة المهنية" التي تتضمن التوجيه المهني والتأهيل المهني والاختيار المهني والتدريب المهني.

الحرب العالمية الأولى مرحلة حاصلة

وجاءت الحرب الأولى فأكدت للمرة الثانية أن المحرك الإنساني لا يمكن أن يعامل كالمحرك الآلي. فلكي تستغل قوة الإنسان إلى أقصى حد لابد من مراعاة العوامل الجسمية والنفسية التي تهيمن على نشاطه. من ذلك أن ساعات العمل قد زادت في بعض البلاد المتحاربة حتى بلغت 15 ساعة في اليوم بدوافع من وطنية العمال. لكن الإنتاج لم يزد بل قل إلى درجة أرعبت السلطات، كما زاد تغيب العمال من جراء المرض والتعب، وكثرت الحوادث، واكتظت المستشفيات بالمرضى. فهرعت السلطات إلى الأطباء وعلماء النفس وعلماء وظائف الأعضاء. وعقدت اللجان لدراسة هذه الكارثة، فأسفرت نتائجهم جميعاً عن أن هناك سوء استغلال للقوى الإنسانية بل إن تنظيم العمل نفسه كان يعاني من خلل لأنه لم يراع "العامل" الإنساني.
إن الناس ليسوا آلات. ومن ثم يستطيعون بقوة الإرادة مضاعفة جهودهم. غير أن هذا الإغراق في العمل لا يمكن أن يستمر إلى أجل غير محدود. لا شك أن زيادة ساعات العمل اليومي- في حدود معينة- تزيد الإنتاج. فالعامل قد ينتج في ست ساعات أكثر ما ينتجه في خمس ساعات أو أربع. لكنه هل إذا عمل 11 أو 12 أو 15 ساعة في اليوم، ارتفع إنتاجه بنفس النسبة؟ لقد كانت هذه ناحية دعت إلى الدراسة والبحث، بل كانت إحدى نقط التحول الهامة في الصناعة وفي علم النفس.
ومما لفت نظر السلطات أيضاً أثناء الحرب كثرة حوادث الطيران الحربي التي كانت تعزى إلى "المصادفة" البحتة، فهب علماء النفس يدرسون هذه الظاهرة، وسرعان ما اكتشفوا أن مهنة الطيران تحتاج إلى استعدادات خاصة لم يكن يملكها أغلب من كانوا يتورطون في هذه الحوادث.
ثم دخلت الولايات المتحدة هذه الحرب في نهايتها عام 1917، ولم يكن لديها في ذلك الحين جيش فعملت على إنشائه. وفي عنفوان هذه الفورة الوطنية، أهيب بعلماء النفس أن يسهموا في هذا المجهود الضخم، مشكلة لجنة منهم عهد إليها فحص المجندين.
‌أ- لاستبعاد ضعاف العقول منهم ومن لا يؤهله ذكاؤه للخدمة في الجيش.
‌ب- توزيع الصالحين للخدمة على أسلحة الجيش المختلفة كل فرد على حسب ذكائه.
‌ج- تزويد كل فريق ببرنامج ملائم للتدريب العسكري.
فقام علماء النفس بصوغ مقياسين لاختبار الذكاء- أي يمكن إجراؤهما على عدد كبير من الأفراد في وقت واحد- أولهما لقياس ذكاء من يعرفون القراءة والكتابة والثاني للأميين. ثم طبق المقياسان على ما يقرب من مليون وسبعمائة ألف مجند قبل قبولهم بالجيش.
وإبان هذه الحرب نفسها استعانت القوات المسلحة الأمريكية بعلماء النفس مرة أخرى لاستبعاد وإعفاء من بلغت به الاضطرابات الانفعالية أو المرض النفسي درجة تجعله عاجزاً عن احتمال مشقات الحياة العسكرية. فاشترك فريق منهم مع أطباء نفسيين في وضع استفتاء يجري على المجندين فيعفى منهم من يخشى أن يصاب بانهيار نفسي إن التحق بخدمة الجيش وخوض المعارك.
وهكذا يمكن اعتبار هذه الحركة التي قامت بها القوات الأمريكية حركة رائدة في إرساء قواعد علم النفس الصناعي القت بظلالها على تطور هذا العلم.

الصفحات