قراءة كتاب العلاقات الإنسانية في المؤسسات الصناعية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العلاقات الإنسانية في المؤسسات الصناعية

العلاقات الإنسانية في المؤسسات الصناعية

تعتبر العلاقات الإنسانية التي تقوم على التفاهم والتعاون والاحترام المتبادل والثقة المتبادلة بين أعضاء الجماعة العاملة على اختلاف مراتبهم ومستوياتهم.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 10

المؤسسات الاقتصادية والمعاهد والجامعات

بالرغم من أن المقاييس السيكولوجية التي صاغها علماء النفس للقوات الأمريكية لم تكن على قدر كافٍ من الدقة والضبط بما نعهده في مقاييس اليوم، إلا أنها نجحت مع ذلك في أداء مهمة اختيار الجنود وتصنيفهم وتوجيههم إبان فترة الحرب، وقد كانت هذه التجربة وما سبقها من تجارب عانتها البلاد المتحاربة من العوامل التي جعلت علم النفس يفرض نفسه على شئون الإنتاج بعد ما اتضح أن مشكلة العمل، في المصنع وفي الجيش وفي غيرهما، لا يمكن أن تعالج على أنها فرع من الميكانيكا أو الهندسة، بل إنها تنطوي على عنصر نفسي لابد من مراعاته. فما أن وضعت الحرب أوزارها حتى بدأ كثير من المؤسسات الصناعية والتجارية وكليات الجامعات الأمريكية في أن يحذو حذو الجيش من حيث تطبيق مقاييس الذكاء في استبعاد المتقدمين غير الصالحين، وفي انتقاء أكفئهم، وكذلك في مسائل التعيين والترقية. وقد استعانت هذه المؤسسات بكثير من الخبراء الفنيين الذين كانوا يعملون في الجيش للقيام بهذه الأعمال.
كما بدأت المؤتمرات الدولية تجرى بقيادة أخصائيين في علوم النفس والطب والهندسة والاقتصاد لدراسة، مشاكل الأعمال الصناعية والإنتاج. وألحقت ببعض الجامعات معاهد علمية تخصصت في دراسة العمل الإنساني من النواحي السيكولوجية. كما قامت في غير الجامعات معاهد أخرى ومعامل وجمعيات ترمي إلى الغرض نفسه. ففي عام 1921 أنشئ "الاتحاد السيكولوجي" في الولايات المتحدة، و "المعهد القومي" لعلم النفس الصناعي" بلندن وهو معهد اعترفت به الحكومة، وفي عام 1922 أنشئ معهد علم النفس الصناعي في موسكو. . ولنعرض على سبيل المثال بعض أوجه النشاط التي كان يضطلع بها معهد لندن. عمل هذا المعهد إلى جانب ما يجربه من بحوث خاصة بمعونة الصناعات المختلفة على حل ما يعرض لها من مشكلات صناعية حلاً علمياً مثل:
1- تحديد الاستعدادات اللازمة للنجاح في المهن الصناعية والتجارية المختلفة، وصوغ اختبارات سيكولوجية لقياس هذه الاستعدادات كي يتسنى اختيار العمال والموظفين على أساس علمي.
2- البحث عن أفضل طرق العمل في المصانع والمكاتب المختلفة.
3- أحسن توزيع لفترات الراحة في المصانع المختلفة، وأنسب الوسائل لخفض التعب.
4- أفضل الطرق لخفض الملل وزيادة اهتمام العامل بعمله.
5- تنظيم الإعلان والدعاية لترويج المنتجات.
6- تحسين الظروف الفيزيائية للعمل: كالإضاءة والتهوية ودرجة الحرارة والرطوبة.
7- تحسين العلاقات الإنسانية بين الإدارة والعمال.
8- تنظيم محاضرات وبرامج تدريبية للعمال والموظفين ورؤساء العمال والمشرفين عليهم.

علم النفس والاهتمام بالعلاقات الإنسانية

انحصرت أغلب تطبيقات علم النفس، أول الأمر في مسائل اختيار العمال والموظفين، وتحليل الأعمال المهنية، والوقاية من حوادث العمل، ووسائل خفض التعب، وتكييف ظروف الإضاءة والتهوية والحرارة....الخ أما استخدام علم النفس في تحسين العلاقات الإنسانية بالشركات والمصانع فقد جاء متأخراً. وبعبارة أخرى فقد أفاد علم النفس الصناعي من علم النفس الفارق أكثر مما أفاد من علم النفس الاجتماعي في بداية نشأته. أي أنه اهتم بموضوع الفروق الفردية في الصناعة أكثر من اهتمامه بدوافع العمال وحاجاتهم النفسية وروحهم المعنوية، أو بموضوع قيادة العمال وسياستهم والإشراف عليهم. بل لا نزال نرى حتى يومنا هذا عمالاً مهرة مدربين يديرون الآلات، ومن فوقهم مشرفين تنقصهم الخبرة والاستعداد لإدارة العمال: مشرفين لهم خبرة بالآلات لا بالناس، مع أن طبيعة الإنسان أكثر تعقيداً من أدق الآلات. ترى ماذا يكون السبب في تخلف الاهتمام بالعلاقات الإنسانية عن الاهتمام بطرق الإنتاج والمواءمة بين العامل وعمله؟ قد يكون السبب أن الناس ألفوا العيش بعضهم مع بعض طول حياتهم. والمألوف لا يثير الاستطلاع، لا يثير التساؤل والبحث والتنقيب. وقد نجم عن هذه الألفة أن رأينا سلوك الناس أمراً طبيعياً مسلماً به، ولم تتخذ هذا السلوك موضوع دراسة وبحث. مثل ذلك كموقف الطفل العصري من جهاز الراديو. إنه لا يثير في الطفل الدهشة أو الرغبة في الاستطلاع. أما حين ظهر الحاسوب لأول مرة، كان شيئاً يثير التساؤل ويتطلب التفسير. هكذا تجري الأمور دائماً. فكثيراً ما نعرف عن الأشياء غير المألوفة والبعيدة عن مجرى حياتنا اليومية أكثر بكثير مما نعرف عن الأشياء المعهودة لنا والقريبة منا. ولعل هذا هو السبب أيضاً في أن علم النفس العملي علم حديث بالقياس إلى غيره من العلوم. ذلك أن سلوك الناس أمر مألوف لا يسترعي الانتباه في العادة بوجه خاص.

الصفحات