أنت هنا

قراءة كتاب طرائف من التراث

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
طرائف من التراث

طرائف من التراث

قد يضحك الشخص أنا أو أنت أو غيرنا وقد نبكي كلنا أو بعضنا، ولما نضحك فإن ضحكنا إنما هو سعي منا للسعادة، وبكاؤنا إنما لبكائنا على سعادة فقدت أو نحن نخشى من زوالها.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 8

فخرج خادم من بين يدي المتوكل فقال لعبيد الله: يقول لك أمير المؤمنين: سله الثالثة؛ فإن أقام على هذا فاضرب عنقه!
فقال له: إني سائلك هذه المرة فإن لم تتب وترجع عما قلت أمرت بقتلك؛ فما تقول الآن في السلف؟
فقال: لعن الله السلف قد خرب بيتي وأبطل معيشتي وأتلف مالي وأفقرني وأهلك عيالي!
قال: وكيف؟
قال: أنا رجل أسلف الأكرة وأهل الدستان الخفاف والتمسكات (التمشكان؟) على أن يوفوني الثمن مما يحصل من غلاتهم فأصير إليهم عند حصول الغلة في بيادرهم فإذا أحرزوا الغلات دفعوني عن حقي وامتنعوا من توفيتي مالي ثم يعودون عند دخول الشتاء فيعتذرون إلي ويحلفون بالله لا يعاودون مطلي وظلمي وإنهم يؤدون إلي المتقدم والمتأخر من مالي فأجيبهم إلى ما يلتمسونه وأعطيهم ما يطلبونه فإذا جاء وقت الغلة عادوا إلى مثل ما كانوا عليه من ظلمي وكسروا مالي فقد اختلت حالي وافتقرت عيالي.
قال: فسمع ضحك عال من وراء السبنية، وخرج الخادم فقال: استحلل هؤلاء القوم وخل سبيلهم.
فقالوا: أمير المؤمنين في حل وسعة فصرفهم.
فلما توسطوا صحن الدار، قال بعض الحاضرين: هؤلاء قوم مجان محتالون وصاحب الخبر فطن متيقظ لا يكتب إلا بما يعلمه ويثق بصحته وينبغي أن يستقصى الفحص عن هذا والنظر فيه فأمر بردهم فلما أمروا بالرجوع قال بعض الجماعة التابعة لبعض: ليس هذا من ذلك الذي تقدم فينبغي أن نتولى الكلام نحن ، ونسلك طريق الجد والديانة! فرجعوا فأمروا بالجلوس ثم أقبل عبيد الله على القوم فقال: إن الذي كتب في أمركم ما كتب ليس ممن يقدم على الكتب بما لا يقتله علماً ويحيط به خبراً، وقد أمر أمير المؤمنين باستئناف امتحانكم وإنعام التفتيش عن أمركم.
فقالوا: افعل ما أمرت به.
فقال: من خير الناس بعد رسول الله؟
قلنا: علي بن أبي طالب.
فقال لخادم بين يديه: قد سمعت ما قالوا فأخبر أمير المؤمنين به فمضى ثم عاد، فقال: يقول لكم أمير المؤمنين: هذا مذهبي!
فقلنا: الحمد لله الذي وفق أمير المؤمنين في دينه ووفقنا لاتباعه وموافقته على مذهبه!
ثم قال لهم: ما تقولون في أبي بكر رضي الله عنه
فقالوا: رحمة الله على أبي بكر نقول فيه خيراً.
قال: فما تقولون في عمر؟
قلنا: رحمة الله عليه ولا نحبه.
قال: ولم؟
قلنا: لأنه أخرج مولانا العباس من الشورى.
قال: فسمعنا من وراء السبنية ضحكاً أعلى من الضحك الأول، ثم أتى الخادم فقال لعبيد الله عن المتوكل: أتبعهم صلة فقد لزمتهم في طريقهم مؤونة واصرفهم!
فقالوا: نحن في غنى وفي المسلمين من هو أحق بهذه الصلة وإليها أحوج وانصرفوا.

الصفحات