أنت هنا

قراءة كتاب قضايا ساخنة في فكر جمال الدين الأفغاني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قضايا ساخنة في فكر جمال الدين الأفغاني

قضايا ساخنة في فكر جمال الدين الأفغاني

إن الدافع الرئيس من البحث في فكر جمال الدين الأفغاني يكمن في طرح مفكرنا إلى قضايا وحدوية ودينية وسياسية لها واقع في الماضي والحاضر والمستقبل كذلك ،ولذا ارتأيت طرح هذه القضايا وتفسيرها معتمداً على المنهج العلمي في التحليل من خلال مؤلفات المفكر ،وأراء الباحثي

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 2

وحدة الأديان السماوية

يعد الدين مقوماً أساسياً ترتكز عليه دعوة الأفغاني السياسية ،وله في تفسيره نظرات شاسعة لا تصل به إلى حيز التعصب الذي حاربه في خاطراته ،وفي مقالاته في العروة الوثقى .ثم إن الدين،في نظره ،هو الأساس الذي يختلف فيه الناس على كوكبنا الأرضي .يقول الأفغاني:(ثم رجعت لأهل جرم الأرض ،وبحثت في أهم ما يختلفون فيه فوجدته (الدين) فأخذت الأديان الثلاثة ،وبحثت فيها بحثاً دقيقاً مجرداً عن كل تقليد ، منصرفاً عن كل تقييد،مطلقاً للعقل سراحه)(2:82)
وبعد البحث والنظر ،وجد الأفغاني أن الأديان السماوية الثلاثة في أصلها على تمام الاتفاق في العبادات. يقول الأفغاني) هكذا ترى الأديان الثلاثة متفقة في الأمور التعبدية بلا أدنى تباين أو تخالف). (2:215)
وكذلك الحال بالنسبة إلى المعاملات، فالوصايا التي أوصى الله تعالى بها موسى ،عمل بها المسيح ،ولم ينقض منها شيئاً ،أما الديانة التي جاء بها محمد-صلى الله عليه وسلم-،فقد احتوت على تعاليم التوراة والإنجيل، وهذا يعني أن الإيمان بوحدة الأديان السماوية الثلاثة يكون في تطابقها على بعضها . يقول الأفغاني:( أما الرجل المؤمن ،فقد بحث ودقق ،وطبق كتب الأديان على بعضها،فلم يجد فيها أقل تباين ،بل وجدها متفقة في المقصد والغاية).(2:215)
وتنبثق وحدة الأديان السماوية التي آمن بها الأفغاني عن عقيدة واحدة ترجع إلى إله واحد أحد يعد ًمصدراً للأديان السماوية الثلاثة،وكأنه يقول لنا : إن الخير الموجود في أصل الأديان ،سببه الخير المنبثق عن الله الخالق العظيم ،فالله هو مثال الخير الذي لا يمكن أن يصدر عنه الشر،إذ (لا ترى في الأديان السماوية ما يخالف نفع المجموع البشري ،بل العكس،فإنها تحضه على أن يعمل الخير المطلق ،مع أخيه وقريبه،وتحظر عليه عمل الشر مع أي كان).(1:69)
وحينما يتكلم الأفغاني عن وحدة الأديان السماوية،في أمور عديدة، فإنه ينبه أهل الأديان الكبرى الثلاثة إلى المسارعة في سبيل الخير والتقدم عن طريق اتحادهم.( وعلى هذا لاح لي بارق أمر كبير ،أن يتحد أهل الأديان الثلاثة مثل ما اتحدت الأديان في جوهرها أصلها وغايتها ،وأنه بهذا الاتحاد يكون البشر قد خطا نحو السلام خطوة كبيرة في هذه الحياة القصيرة).(2:82)
أخلص مما تقدم إلى ما يلي:-
- إن حوار الأديان في الماضي والحاضر تحت ما يسمى بوحدة الأديان السماوية يجب أن يستند إلى حقيقة الدين المنزل في أصله من عند الله تعالى ،من خلال أصول ومبادئ الكتب السماوية التي دعت إلى عقيدة واحدة هي الإيمان بالله وبرسله جميعاً.
- أن القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الوحيد الذي تكفل الله بحفظه من خلال السند العلمي الموثوق بالتواتر،وهو معجز ،وأما الكتب السماوية الأخرى في أصلها وغايتها غير موجودة بالواقع .
بما أن الأديان السماوية في العقيدة والعبادات والمعاملات أصلها واحد،ومبادئها واحدة ،وهي تدعو إلى الخير والوحدة وإلى الإيمان بالرسالة الخاتمة إلى الناس جميعاً ،يتحتم هذا منطقياً على أتباع الديانات السماوية أتباع الإسلام عقيدة ومنهجاً .
وبعد أن بين الأفغاني حقيقة وحدة الأديان السماوية ،نظرياً ، انطلق ليخبر الناس في زمانه السبب الذي يحول دون اتحاد أهل الأديان السماوية الكبرى ، فيرى أنه مانع سياسي صنعه رؤساء الأديان الذين يتجرون بالدين.( ولكن، لما علمت أن دون اتحاد أهل الأديان ،تلك الهوات العميقة ،وأولئك المزاربة الذين جعلوا كل فرقة بمنزلة حانوت وكل طائفة كمنجم من مناجم الذهب والفضة ، ورأس مال تلك التجارات ،ما أحدثوه من الاختلافات الدينية ،والطائفية والمذهبية .... علمت أن أي رجل يجسر على مقاومة التفرقة ،ونبذ الاختلاف ، وإنارة أفكار الخلق ،بلزوم الأئتلاف ،رجوعاً إلى أصول الدين الحقة – فذلك الرجل- هو يكون عندهم قاطع أرزاق المتجرين في الدين).( 2:83)

الصفحات