أنت هنا

قراءة كتاب كل شيء ساكن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كل شيء ساكن

كل شيء ساكن

كتاب "كل شيء ساكن" لمؤلفته الكاتبة ميّ بنات؛ هو عبارة عن مجموعة قصصية متنوعة تأخذنا من خلالها الكاتبة إلى عوالم يبدو فيها كل شيء ساكن، لكن في حيثياتها تشدك إلى ما أعمق من السكون، وكأن رحلة البحث قد بدأت من جديد.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
ارتفعت الأصوات في الخارج : خيبر خيبر يا يهود..جيش محمّد سوف يعود..
 
هرول شادي إلى حضن أمّه، طوّقته بيديها الحانيتين، داعبت خصل شعره البنيّة، وقبّلته على جبينه، ابتسم وتورّدت وجنتاه ..نظر إليها برجاء، ومدّ يده إلى جيبها، وإلى جيبها سريعًا، ابتسمت الأمّ، وعاودت تقبيله ..الله يحفظك يا نور عيوني..
 
- أشمّ رائحة لذيذةً..أمّي أريد كعكة.
 
- لك أنت فقط أطيب كعكة.
 
ذهب إلى الطبق وملأ جيبه، وتسلّل إلى الدرج و اندفع مسرعًا..اكتظت الأصوات في الخارج ، واختلطت الهتافات، ولكنّ ذلك الصّوت ما زال قويًّا : خيبر خيبر يا يهود..جيش محمّد سوف يعود.
 
- شادي ..سعاد أين شادي؟؟
 
- خرج، ليشتري لعبة، سيّارةٌ على حدّ ظنّي ..
 
- ماذا سيّارة ! خرج ! والشّارع هكذا !!
 
- ماذا أفعل يا أمّي لقد أصرّ ولم يسمعني !
 
- سأنزل لأراه، لاتتبعيني.
 
- أمّي ..أمّي ..ها هو شادي !
 
- شادي؟ أينه؟
 
- تعالي..هنا من النّافذة ..كم هو أحمق، يسير وسط المظاهرة !
 
- يا ويلي .. الله يستر ..سأريه عندما يعود !
 
- أمّي ..الحقي ! يطلقون النّار، الرّصاص يا أمّي..
 
ركضت الأمّ إلى النّافذة شادي أينه؟؟ أخذت تحدق بين النّاس .. الكلّ يفرّ، تلك امرأةٌ تشقّ جيبها، و هؤلاء صبيةٌ ملثّمون يحملون الحجارة .. شادي اشترى السّيّارة ! ها هو يلوّح بها : أمّاه ..أمّاه، اشتريت سيّارةً حمراء..احتضن سيّارته، وأشرق بابتسامته ..ولكنّها اقتحمته، توسّطت جبينه، تركت حفرةً مستديرةً ..انطلقت نافورةٌ حمراء ..هوت السّيّارة الحمراء، وهوى شادي، ارتسمت خارطةٌ دمويّةٌ على جبينه، كأنّها تشبه خارطة العالم العربيّ ! وبقيت الابتسامة مرسومةً على وجهه ..وصافح الموت فؤاده..انطلقت روحه كحمامة السّلام ! ستخرج جنازةٌ جديدة، ولكنّ الجثّة أصغر هذه المرّة ..سيأتي العيد دونما عيد، ويشرق الصّباح دونما شادي، وينضمّ إلى قوافل الأحزان، و تحتضن الأرض الشهداء، وتُبتلع العبرات والدّماء ..وتُروى الرّياحين..
 
ابتعدت الأصوات، لكنّها ما زالت مستمرّة : خيبر خيبر يا يهود .. جيش محمّد سوف يعود..

الصفحات