كتاب " استراتيجيات تدريس اللغة العربية - أطر نظرية وتطبيقات عملية " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب استراتيجيات تدريس اللغة العربية - أطر نظرية وتطبيقات عملية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

استراتيجيات تدريس اللغة العربية - أطر نظرية وتطبيقات عملية
اللغة والاتصال الجمعي
أما على المستوى الجمعي فإن اللغة هي المستودع التعليمي للمعارف والمعايير الثقافية والتاريخ الاجتماعي المتوارث عن طريق العملية التعليمية ، وتعمل اللغة " كالغراء الاجتماعي الذي يتم بموجبه الشعور بالماضي والحاضر والمستقبل.
ويؤكد محمود الناقة على أن اللغة وعاء الثقافة في المجتمع ، وأداة التعبير عنها، ووسيلة من وسائل إثرائها، وإن كانت جزءاً من الثقافة إلا أنها في ذات الوقت أداة التعبير عنها وتسجيلها وحفظها ونقلها وتطويرها ، وهي المرآة التي تعكس حياة أصحابها الاجتماعية والثقافية من عقائد وتقاليد ومثل ومبادئ وأخلاق وتعاملات ونظم وفنون وتربية ، لذا يمكن القول بأن اللغة وإن كانت جزءاً من ثقافة المجتمع إلا أنها في ذات الوقت هي ثقافة المجتمع. (محمود الناقة،2001) .
واللغة بهذا المنظور الاجتماعي يلاشك أبرز ملامح ثقافتنا العربية، وهي أكثر اللغات الإنسانية ارتباطاً بالهوية، وهي اللغة التي مازالت سجلاً أميناً لحضارة أمتها في ازدهارها وانتكاسها، لذا فاللغة اجتماعياً سلاح قوي في مواجهة تفتيت التكتل الإسلامي في ظل العولمة. وتزداد يوماً بعد يوم مساهمة اللغة في تحديد الأداء الكلي للمجتمع الحديث، فهي تساعد في تدعيم العلاقات التي تربط المجتمع، وأهم العوامل التي تحدد ثقله الاستراتيجي.
ويؤكد مالينوفسكي أن اللغة وسيلة لتنفيذ الأعمال وقضاء حاجات الإنسان الاجتماعية، ويرى (يسبرسن) كما يذكر فتحي يونس (2001) أن كلمات اللغة لا تستعمل في أكثر الأحايين لتنقل أفكاراً، أو لتوضح أشياءً من هذا القبيل ولكنها تستعمل لتشبع الاشتياق إلى النزعة الاجتماعية والمصاحبة التي يهواها الإنسان.
وإذا نظرنا للغة باعتبار مهاراتها الأربع ، نرى الدور المهم لها في حياة المجتمع ، حيث إنها سلاح الفرد في مواجهة كثير من المواقف التي تتطلب الكلام أو الاستماع أو القراءة أو الكتابة، وهذه المهارات أدوات مهمة في إحداث عملية التفاهم في جميع نواحيها، ولاشك أن من أهم الوظائف الاجتماعية للغة ما تبرزه الخطب السياسية والمقالات وأساليب الدعاية.
واللغة ليست أداة صناعية خارجة عن علاقاتها بالمجتمع الذي تعيش فيه، بل هي صورة له، نابضة بالحياة، فإذا كان المجتمع متخلفاً ظهرت آثار التخلف في لغته، متخلفة معه، وإذا كان مجتمعاً راقياً بدا الرقي في لغته، كذلك فالشعوب البدائية يتكلمون لغة مادية لا تعرف الفكر أو المعاني الكلية، أما الشعوب الراقية ذوات الثقافة والفكر فتحمل لغاتها سمات حياتها العامة والخاصة التي تستطيع أن تعبر في صور متعددة ، وعبارات لا تحتاج إلى الإشارات، واللغة العربية تجنح إلى العقلية والخيال والتعبير عن الشئ منظوراً إليه من جهات متعددة.
ولم تعد اللغة مجرد أداة اتصال نعبر بواسطتها عن المفاهيم والأفكار والقيم ونحفظ بها التراث الثقافي والعلمي فحسب، وإنما أخذت تلعب دوراً رئيساً في عملية التنمية الروحية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية، وأصبحت وسيلة أساسية لتوحيد الأمة سياسياً ، لما في اللغة من قوة تتجاوز أهميتها من التعبير إلى التغيير.
وقد رأينا مما تقدم من أهمية ووظائف متعددة للغة تم تناولها من خلال اتجاهين، أحدهما ينظر للغة من البعد الفكري الداخلي، والآخر ينظر إليها باعتبارها عملية اجتماعية تواصلية.