أنت هنا

قراءة كتاب التعليم الصناعي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التعليم الصناعي

التعليم الصناعي

كتاب " التعليم الصناعي " ، تأليف د. محمد محمود السيوف ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

التعليم المهني : النشأة والمشكلات

نشأة التعليم المهني :

ترتبط التنمية المتكاملة بتوفير الكوادر المؤهلة والمدربة لتقوم بتحمل مسؤولية التصنيع والزراعة والتجارة، وما تتطلبه من استخدام للآلة والتقنية الحديثة، بهدف مواكبة التقدم والقدرة على المنافسة في الأسواق المحلية والخارجية، ولا يأتي ذلك بالطبع إلا من خلال توفير الأيدي العاملة المتعلمة والمدربة والمبنية على التعليم وبرامج التدريب لتستطيع القيام بهذه المهمة.

لقد كان هدف التعليم ومنذ نشأته اختزال خبرات الأجيال السابقة وتعليمها للناشئة، حيث كان الأهل يدربون أبناءهم على المهن التي اعتادوا القيام بها كالصيد والزراعة والحرفة اليدوية البسيطة، وما يتضمنه هذا التعليم من نواحٍ روحية ونفسية كالقدرة على التحمل والصبر وغيرها من الأمور التي تعرف باسم أسرار المهنة (المرزوقي، 2005). ويساهم التدريب المهني في رفع الكفاءة الإنتاجية للأفراد، كما يلعب دوراً أساسياً ومتجدداً بالغ الأهمية في تعليم وحسن استخدام الإنسان العامل للأدوات ووسائل العمل، وتنمية مهاراته وخبراته وتحسين الأداء الوظيفي والفني للقوى العاملة، كما يعتبر التدريب أحد الوسائل الهامة لتنمية الموارد البشرية (النسور،2001).

والتعليم بقصد الإعداد للعمل كان الهدف الأساس للتعليم، ورغم ظهور بعض المدارس الفلسفية التي دعت إلى تربية مثالية تهدف لتزويد الطالب بالثقافة الفكرية والروحية وتكوين إنسان المعرفة والأخلاق، إلا أن الطابع الاقتصادي للتربية كان السمة الأبرز والتي ازدادت وضوحاً في عصرنا الحاضر، حيث تسعى معظم الدول إلى إيجاد المدارس والمعاهد المتخصصة في التعليم والتدريب المهني، وإقامة دورات لتدريب العمال في مواقع العمل بهدف رفع مهاراتهم وزيادة قدرتهم العلمية في مواكبة التطورات العلمية وعمليات التحديث في وسائل الإنتاج، كما أن معظم المناهج في العالم، ومنذ الصفوف الأولى وحتى الثانوية، تعنى بتوجيه الطلاب إلى العمل وإكسابهم المعارف والمهارات اللازمة من أجل إعدادهم للعمل (العاني وآخرون،2003).

وترصد الدول مبالغ طائلة من مجمل إنتاجها القومي لصالح التعليم بقصد تنمية الموارد البشرية. وتعتبر هذه الاستثمارات استثمارات طويلة الأجل تعود على الدولة بفوائد اقتصادية كبيرة إذا وضعت في مكانها الملائم، أي إذا كان التعليم مخططاً له ويتناسب مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية وطبيعة الموارد والثروات الطبيعية (علي خضور، 2003).

ويقوم التعليم المهني بتوفير العمالة الماهرة التي تلبي حاجات قطاع الإنتاج وأولويات التنمية الوطنية وحاجات القطاعين التجاري والصناعي في كل دولة، ولذلك لا بد من أن تلبي مخرجات البرامج التدريبية الحاجات الآنية والمستقبلية لسوق العمل.

إن وضوح الأسس التي تبنى عليها برامج التعليم والتدريب المهني -والتي تنبثق منها مناهجه وأهدافه- من الأمور التي تساعد على تحديد المعايير والأطر العامة والتوجيهات الرئيسية لهذا النوع من التعليم ضمن مظلة النظام الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمجتمع. وبشكل عام فإن مناهج التعليم المهني ترتكز على أسس فلسفية تنبثق من قيم المجتمع وتراثه وأيدلوجيته، وأسس نفسية تراعي قدرات الطلبة وميولهم واستعداداتهم وحاجاتهم النفسية والجسمية ومراحل النمو عندهم، كما تراعي أصول عملية التعلم والتعليم وأساليبها التربوية، وكذلك أسس اجتماعية تراعي الحاجات المتغيرة للمجتمع في مختلف المجالات كما تراعي ارتباط التعليم بالمجتمع المحلي وبيئته العامة، وأيضاً أسس معرفية تنبثق من طبيعة المعارف المهنية وخصوصيتها في الإعداد المهني لممارسة العمل وخصائصه (المصري، 1992).

وتتميز دول العالم الصناعية بتوفر الأنظمة الشاملة للمعلومات وبيانات أسواق العمل التي تتمتع بدرجة عالية من المصداقية، بحيث يمكن لأنظمة التدريب فيها أن تحدد مؤشرات للاحتياجات التدريبية الكمية والنوعية، وإعداد خططها وبرامجها في ضوء هذه المؤشرات، وهذا يمكنهم من رصد المهن التي ستختفي والتي ستستجد مما يسهل عليهم التوجه نحو وظائف ومهن جديدة (عبدالله، 2001). وتعاني الدول العربية من حالة انفصام ما بين مؤسسات التعليم والتدريب المهني من جهة ومؤسسات سوق العمل من جهة أخرى، وهذا من أهم المعيقات أمام مسيرة التنمية، إذ إن النظم وسياسات التعليم والتدريب المهني متفاوتة في تطورها من دولة عربية إلى أخرى، إلا أنها لم تصل إلى مستوى التطوير المناسب لمواجهة الواقع الجديد لسوق العمل واحتياجاته، بالرغم من أن أهداف التعليم المهني رفد برامج ومشاريع التنمية الاقتصادية التي تشهدها الدول، من خلال إعداد الأيدي العاملة الماهرة والمؤهلة بمختلف التخصصات التي تحتاجها، وتشير سلسلة الدراسات التي أعدتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والفنون (الأليسكو) إلى إن عملية بناء وتطوير البرامج التدريبية وارتباطها بسوق العمل يستند إلى الأسس الفلسفية الخاصة بالمجتمع ومعتقداته، وكذلك الأسس المجتمعية المتعلقة بتوجهات المجتمع واحتياجات سوق العمل (العاني وآخرون، 2003). ونظراً لأهمية دور مؤسسات الإعداد المهني في تنمية الموارد البشرية وتأهيل قوة العمل الضرورية لتنفيذ مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والمساهمة في النهوض باقتصاديات الدول وزيادة الإنتاج وزيادة الدخل القومي بدأت الدول العربية برعاية قطاعات التعليم والتدريب المهني (Gerber&velde,1997).

وهناك توجه في العالم نحو التنمية البشرية والتي ترتكز على أن الأفراد هم الثروة الحقيقية للأمم، وأن الاستثمار في تعليم الناس هي الإستراتيجية الناجحة.

الصفحات