أنت هنا

قراءة كتاب التعليم الصناعي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التعليم الصناعي

التعليم الصناعي

كتاب " التعليم الصناعي " ، تأليف د. محمد محمود السيوف ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

علاقة التعليم المهني بالتنمية وسوق العمل:

لا بد من إحداث التناسق بين مخرجات التعليم وسوق العمل، ووضع البرامج المتطورة لرفع كفاءة العاملين في المدارس المهنية. ووجود آلية مناسبة للتنسيق ما بين المؤسسات المهنية للإفادة من التجهيزات المشتركة لخدمة برامج التعليم والتدريب المهني.

لقد بينت الدراسات أن الصعوبات التي تواجه مسيرة التعليم المهني تتمثل في عزوف الطلبة عن الإقبال للالتحاق ببرامج التعليم المهني، وكلفة المدارس المهنية والتجهيزات والصيانة، وعدم مساهمة القطاع الخاص ومحدودية صلاحيات المدارس، وضعف عمليات التوجيه المهني لطلبة مرحلة التعليم الأساسي.

وتصل نسبة البطالة العربية إلى ما بين 15% و30%، "لذلك تشكل البطالة أخطر مشكلة يواجهها العالم العربي في السنوات المقبلة وفي ضوء ذلك تولد ضغط على سوق العمل الأردني من ثلاثة مصادر هي: العمالة المحلية، والعمالة العائدة، والعمالة الوافدة. فإذا اعتبرنا العمالة العائدة ضمن العمالة المحلية فإن الرؤيا تتركز بعمالة محلية وأخرى وافدة.

ومع تعاظم الدور الذي لعبته العمالة الوافدة في الاقتصاد الأردني، وما ساهمت به من خلال رفد الأعمال التي شهدت في منتصف السبعينيات نقصاً ملحوظاً في العمالة المحلية، فقد شهد الأردن تزايداً ملحوظاً في العمالة الوافدة انعكست آثارها مع مرور الزمن على التعطل لدى القوى العاملة المحلية. كما أكدت العديد من الأدبيات وعلى الرغم من تدني نسب التشغيل وارتفاع معدلات البطالة بين الأردنيين، إلا أن الأردن ما زال يشكل جذباً للعمالة الوافدة من شتى مناطق العالم المختلفة ولا سيما العربية.

ومن هنا أخذت فكرة إحلال العمالة الوافدة بعمالة محلية تشكل أحد المخارج والحلول المطروحة على مختلف الأصعدة لمعالجة مشكلة التعطل المحلي، منطلقين من مبدأ إمكانية إحلال ثلاثمائة ألف عامل محلي بالعمالة الوافدة إحلالا كمياً. إلا أن هناك العديد من الظروف التي تلعب دوراً رئيساً لإمكانية إبراز وتفعيل هذه الفكرة إلى حيز الوجود والتطبيق، وتعد الخصائص التعليمية والمهنية من أهم محددات الهيكل العام للعمالة. وبالتالي كان ذلك دافعاً قوياً أثار اهتمام الباحثة إلى ضرورة دراسة الخصائص التعليمية والمهنية لكل من العمالة المحلية والوافدة، ثم المقارنة بينهما، وذلك لمعرفة مدى إمكانية إحلال العمالة المحلية بعمالة وافدة في ضوء هذه الخصائص (الكرايمة، 1999).

وأشار تقرير البنك الدولي (1995) أن أسواق العمل تعاني من عدد من المشكلات التي تختلف في شدتها وأفاق حلولها،ونوعية هذه الحلول وسياساتها المقترحة ومدى فاعليتها، ومن هذه المشكلات:

العمالة الوافدة وتركيبها من حيث المهارة والجنس والمصدر، بما تطرحه من مشكلات التكلفة الاقتصادية والاجتماعية والمخاطر الأمنية.

عزوف المواطنين عن العمل في القطاع الخاص.

تدفق الشباب إلى سوق العمل واحتمال البطالة الصريحة وليس فقط المقنعة.

صعوبة الإحلال.

هبوط الإنتاجية كما تشير بعض الدراسات (البنك الدولي، 1995).

إن البطالة مؤشر على خطأ استثماري في التعليم كما أن العمل في غير مجال التخصص هو خطأ استثماري أيضاً، لكنه أقل حدة من البطالة، أما وفاة الفرد فتعتبر اختفاء رأس المال المعرفي، إلا في حالة الجهود العلمية التي تتمخض عن أبحاث ومؤلفات واختراعات وعلم نافع، ولذلك يجب تناول التعليم المهني بشمولية تطال التخطيط والتنفيذ والتقويم (المصري، 2003).

ويشار إلى ضرورة توجيه مزيد من العناية والاهتمام من قبل المنظمات والهيئات الوطنية والعربية والإقليمية والدولية، للمساهمة في معالجة الخلل بين العرض والطلب في القوى العاملة وفرص العمل المتاحة.

إن المتغيرات الدولية والتطورات العلمية والتكنولوجيا التي يمر بها العالم حالياً تسببت في انقلاب موازين القوى بين المجتمعات، وإحداث تغيرات في المفاهيم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتغييرات سريعة في المهن ووسائل وأساليب العمل والإنتاج، دون تمكين أي مجتمع من العيش في عزلة عن الكيان العالمي (مشاري، 2005).

ولابد من التركيز والعمل على تحقيق الشراكة والارتباط الوثيق بين منظومة التعليم والتدريب المهني واحتياجات سوق العمل، في سبيل الحد من إهدار قدرات الموارد البشرية والإنتاجية والابتكارية، وإتاحة الفرصة الكاملة أمام القوى العاملة للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية والرفاهية للشعوب العربية.

لا بد من تحديد السياسات والآليات المناسبة لتحقيق التوازن بين مخرجات التعليم والتدريب المهني، والاحتياجات الفعلية لسوق العمل من خلال التعرف على أوضاع التعليم والتدريب المهني واحتياجات سوق العمل، وكذلك بحث الوسائل والآليات المقترحة للربط بين سياسات وبرامج التدريب والتعليم المهني والاحتياجات الفعلية لسوق العمل، ودور التعليم التقني والتدريب المهني في تدعيم سياسات توطين الوظائف ودور صناديق التنمية الاجتماعية والتشغيل في تمويل برامج التشغيل الذاتي لمخرجات التعليم والتدريب.

ويشكل التعليم المهني الذي يهدف إلى إعداد العمال المهرة في مستويات العمل الأساسية جانباً مهماً في منظومة تنمية الموارد البشرية، كما يحتل مكانة بارزة داخل النظم التعليمية أو خارجها، بسبب الحاجة إلى نواتجه لرفد مجالات العمل بالقوى العاملة المؤهلة (المصري، 2003).

وتؤكد الدراسات على ضرورة وجود إستراتيجية عربية للتشغيل وتنمية القوى العاملة، لتضييق الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، ودور التصنيف المهني العربي في تطوير برامج ومناهج التدريب المهني. وضرورة المواءمة بين مخرجات العملية التعليمية والمهارات المهنية المطلوبة في سوق العمل (التصنيف المهني العربي،1989).

إن المواءمة بين مخرجات التعليم العالي والاحتياجات الفعلية لسوق العمل بغية تزويد الخريجين من المواطنين بالمهارت والقدرات المهنية التي تعزز من تواجدهم في مختلف القطاعات الاقتصادية بشكل عام، وفي المؤسسات الخاصة على وجه التحديد- تعد ذات أهمية كبيرة.

ويعتبر الاعتقاد السائد بأن القطاع الخاص يتطلب مهارات عملية تختلف عن تلك التي يكتسبها المواطنون في القطاع العام -إلى جانب الفجوة الواسعة بين ظروف العمل في القطاعين الحكومي والخاص من جهة الأجور والحوافز وساعات العمل- أحد أبرز العوامل التي تصرف الشباب من المواطنين عن الالتحاق بمؤسسات القطاع الخاص. ولذا فإن الشباب يفضل الالتحاق بمؤسسات القطاع العام مقارنة بالمؤسسات الخاصة، وهو ما يرجع إلى عوامل متعددة في مقدمتها الافتقار إلى الخبرة العملية لدى بعض الخريجين، وكذلك التجارب السلبية السابقة للبعض منهم في مؤسسات القطاع الخاص، والنظرة العامة إلى العمل في القطاع العام بأنه متوافق مع القيم الثقافية للمواطنين أكثر من القطاع الخاص (اليونسكو،1974).

ولذا فإن معالجة الخلل الحاصل بين مخرجات النظام التعليمي والقدرات المهنية المطلوبة في سوق العمل، يكون عبر تطوير المناهج الدراسية وتزويد الخريجين بالمهارات المطلوبة وتحديثها حسب متطلبات سوق العمل بصورة متواصلة، إلى جانب توفير برامج التدريب التخصصي في اللغة الإنجليزية ومهارات التعامل مع تطبيقات وأنظمة تكنولوجيا المعلومات، والمهارات التنظيمية والسلوكيات المهنية الإيجابية (الجنابي والزوبعي،2003).

بناءً على ما سبق يمكن القول أن ربط مخرجات التعليم بسوق العمل من خلال التعليم المهني ضمن النظم التعليمة، ما زالت العقبة الرئيسية التي تواجه التنمية لضعف القدرات المتوفرة في البنى التعليمية، وقلة المرونة في هذه النظم للتكيف أمام الضغوط الاجتماعية من جهة، ومتطلبات التنمية الفعلية من جهة أخرى، وهذا ما يجعل نمو التعليم المهني مرهوناً بإصلاحات على مناهج ونظام التعليم المهني.

الصفحات