كتاب " الحلال والحرام " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب الحلال والحرام في الاسلام
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مبادئ الإسلام في شأن الحلال والحرام
الأصل في الأشياء الإباحة .
التحليل والتحريم حق الله وحده .
تحريم الحلال وتحليل الحرام قرين الشرك بالله .
التحريم يتبع الخُبْث والضرر .
في الحلال ما يغني عن الحرام .
ما أدى إلى الحرام فهو حرام .
التحايل على الحرام حرام .
النية الحسنة لا تُبرر الحرام .
اتقاء الشبهات خشية الوقوع في الحرام .
الحرام حرام على الجميع .
الضرورات تبيح المحظورات .
كان أمر الحلال والحرام كغيره من الأمور ، التي ضل فيها أهل الجاهلية ضلالا بعيدًا ، واضطربوا في شأنها اضطرابا فاحشًا ، فأحلوا الحرام الخبيث ، وحرموا الحلال الطيب ، يستوي في ذلك الوثنيون وأهل الملل الكتابية .
وكان هذا الضلال يمثل الانحراف والتطرف في أقصى اليمين ، أو الانحراف والتطرف في أقصى اليسار .
ففي أقصى اليمين وجدت البرهمية الهندية القاسية ، والرهبانية المسيحية العاتية ، وغيرهما من المذاهب التي تقوم على تعذيب الجسد ، وتحريم الطيبات من الرِّزق ، وزينةِ الله التي أخرج لعباده .
وقد بلغت الرهبانيةُ المسيحية ذروةَ عُتُوِّها في القرون الوسطى ، وبلغ تحريم الطيبات أشدَّه عند هؤلاء الرُّهبان الذين كانوا يُعَدُّون بالألوف ، حتى جعل بعضهم غسل الرجلين إثمًا ، ودخول الحمام شيئا يجلبُ الأسف والحسرة .
وفي أقصى اليسار وجد مذهب (مزدك) الذي ظهر في فارس ، يُنادي بالإباحية المطلقة ، ويطلق العنان للناس ، ليأخذوا كل شيء ، ويستبيحوا كل شيء ، حتى الأعراض والحرمات المقدسة عند الناس(7).
وكانت أمة العرب في الجاهلية مثلا واضحا على اختلال مقاييس التحليل والتحريم بالنسبة للأشياء والأعمال ، فاستباحوا شرب الخمر وأكل الربا أضعافا مضاعفة ، ومضارة النساء وعضلهن ، و…وأكثر من ذلك أن شياطين الإنس والجن زينوا لكثير منهم قتل أولادهم وفِلْذات أكبادهم ، فأطاعوهم ، وخالفوا نوازع الأُبُوَّة في صدورهم كما قال تعالى : "وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ"(الأنعام:137).
وقد سلك هؤلاء الشركاء من سَدَنة الأوثان وأشباههم مسالك عِدة في تزيين هذا القتل للآباء .
فمنها : اتقاء الفقر الواقع أو المتوقع .
ومنها : خشية العار والاحتراز منه ، إذا كان المولود بنتًا .
ومنها : التقرب إلى الآلهة بنحر الأولاد ، وتقديمهم قربانا إليها . ومن العجب أن هؤلاء الذين استحلوا قتل أولادهم ذبحا أو وَأْدًا ، حرموا على أنفسهم كثيرًا من الطيبات من حرث وأنعام ، والأعجب أنهم جعلوا هذا من أحكام الدين ، فنسبوه إلى الله تعالى حكما وديانة ، فرد الله عليهم هـذه النسـبـة المفتراة : "وَقَالُوا هَٰذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ ۚ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ"(الأنعام:138) . وقد بين القرآن ضلالة هؤلاء الذين أحلوا ما يجب أن يُحَرَّم ، وحرموا ما ينبغي أن يُحَل ، فقال : "قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ ۚ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ"(الأنعام:140)
جاء الإسلام فوجد هذا الضلال والانحراف في التحريم والتحليل ، فـكـان أول ما صنعه لإصلاح هذا الجانب الخطير من التشريع : أن وضع جملة من المبادئ التشريعية ، جعلها الرَّكائز التي يقوم عليها أمر الحلال والحرام ، فرد الأمور إلى نصابها ، وأقام الموازين القسط ، وأعاد العدل والتوازن فيما يُحِل وما يُحَرِّم . وبذلك كانت أمة الإسلام ـ بين الضالين والمنحرفين يمينا وشمالا ـ أمة وسطًا ، كما وصفها الله الذي جعلها "خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ"(آل عمران:110).