أنت هنا

قراءة كتاب أبناء رفاعة الطهطاوي - مسلمون وحداثيون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أبناء رفاعة الطهطاوي - مسلمون وحداثيون

أبناء رفاعة الطهطاوي - مسلمون وحداثيون

كتاب " أبناء رفاعة الطهطاوي - مسلمون وحداثيون ، تأليف غي سورمان ، ترجمة مرام المصري ، والذي صدر عن دار المؤسسة

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

مَنْ أيقظ مصر؟

كانت مصر في زمن رفاعة ستَظَلّ، دون شكّ، ولاية نائمة في حضن الإمبراطورية العثمانية لو لم يَقُم بونابرت، في سنة 9 8 7 1، بإيقاظها· كانت حَمْلَته على مصر عابرةً، ولكنها ذكّرت المصريين بأمجادهم القديمة والوثنية التي حَرِص الإسلام، دائما، على إخفائها· بعد هزيمة الحملة الفرنسية والأرستقراطية المملوكية القديمة التي كانت تَحكُم البلد، استولى ضابطٌ تُركيّ، محمد علي، على السلطة؛ سيحكم على مصر خلال أربعين سنة، وسيكشف عن كونه مُستَبِدّا مُتنوّرا· على خطى وآثار بونابرت، سيبدأ محمد علي في تحويل مصر الجامدة إلى أُمَّةٍ حديثة ومسلمة في آنٍ واحد، وهو طموحٌ لا سابِقَ له سيُساهِم في استباق الإصلاحات التي عرفتها الإمبراطورية العثمانية· ولكنْ هل كانت مصر نائمةً، كما يعتقد العلماءُ المستشرقون في أوروبا، أم أنّ الفِكرةَ القائلة بولادة نهضةٍ عربيةٍ من الالتقاء مع الغرب، في حدّ ذاتها، هي من اختراعهم؟

إنّ تاريخَ العالَم العربي الحديث، سواء كَتبه الأوروبيون أم المصريون، فقد تمّ تحديدُ بدايته، منذ زمن بعيد، في سنة 8 9 7 1؛ ولكنّ هذا التأويل عرف، حديثاً، تطوراً تحت تأثير نقد الاستشراق، وهي مُحاكَمَة قام بها مُؤرّخون أوروبيون لبعضهم البعض· في الواقع، كان لمصر وجودٌ قبل وصول الفرنسيين؛ لم تكن كُلُّ الأفكار مُجَمَّدة حتّى مجيء بونابرت، فارس أحلام، لإيقاظها· كما أنّ رِجَال الدّين المُسلِمين لم ينتَظِروه كيْ ينتقلوا من مَرْكز ثيولوجيا إلى آخَر· صحيحٌ أنهم كانوا مُتحصّنين ومُعتَكِفين في العالَم الإسلاميّ، في إسطانبول أو دمشق في معظم الأحيان، ولم يكونوا يُكَرِّسون وقتَهُم إلاّ للدراسات التقليدية؛ هذه الدراسات التي تَضُمُّ إلى جانب ما تضّمه الطبَّ وعِلْمَ الفَلَك أيضاً· كَثيرٌ من المُتعلِّمين ومن المُثّقفين استنتجوا، وعلى إيقاع الرَّحَلات، عِدّة تنوّعات، حتى وإن كانت تقتصر على تأويل القرآن أو ممارسة الطبّ، وهي ممارسةٌ مُقارَنَةٌ سَتُهيِّىءُ، فيما بعدُ، العقولَ النيّرةَ لمواجهة العلوم الغربية·

وإذا كان بونابرت لم يُغَيِّرْ، وحده، المصريين، فإنّ استعراض الغرب غيَّر، بالتأكيد، رؤيتهم للعالَم؛ فقد شاهدوا في صفوفهم الأولى عَرْضَ قُوّات لا مثيلَ لَها، قُوّات فرنسا وبريطانيا العظمى وهي في حالة حرب· وبقدر إعجابِهِم بقوة الجيوش، فإنّ المصريين أُعْجِبُوا أيضاً بِمَوكب العلماء الحاملين لكلّ مَعَارِفِ زمنهم· استنتج محمد عليّ من هذا أن الغربيين لا بُدّ وأنهم يمتلكون بعض الأسرار الكبيرة التي تسمح لهم بالسيطرة على الطبيعة وبتوسيع هيمنتهم؛ فَقَرَّ رأيُهُ على الاستيلاء عليها من خلال بعثه إرسالية: إننا نتحدّثُ اليوم عن تَجَسُّس صناعيّ في هذه اللحظة سيَدْخُل رفاعة التاريخ الكبير·

الصفحات