أنت هنا

قراءة كتاب شخصي جداً - الجنس في حياتنا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شخصي جداً - الجنس في حياتنا

شخصي جداً - الجنس في حياتنا

كتاب " شخصي جداً - الجنس في حياتنا " ، تأليف د.

تقييمك:
3.75
Average: 3.8 (8 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
النضج الوجدانيُّ والنضج الروحانيّ
 
إنِّي أرى أيضًا أنَّ النضج الوجدانيَّ يؤثِّر بقوَّةٍ أيضًا في النضج الروحانيِّ والتلمذة المسيحيَّة. فإنَّ كلمة تلمذة باللغة الإنجليزيَّة (Discipleship) تأتي من كلمة (Discipline) وتعني الانضباط. ويمكن تلخيص هذا الانضباط في عبارةٍ واحدة: أن يستطيع الإنسان أن يقود ذاته ويدير مشاعره كي يفعل ما يراه مفيدًا له على المدى البعيد. يقدِّم بولس الرسول هذا المفهوم بوضوحٍ في العهد الجديد في أكثر من فِقرة مستخدمًا أكثر من كلمة تشير جميعها إلى سلوكٍ يتميَّز بقيادة الإنسان لِذاته. فتارةً يتكلَّم بشأن ‘‘الجهاد’’ و‘‘ضبط النفس’’ و‘‘قمع الجسد’’ فيكتب إلى أهل كورنثوس:
 
‘‘وكلُّ مَن يُجاهد يضبط نفسه في كلِّ شيء. أمَّا أولئك فلِكيْ يأخذوا إكليلاً يفنى، وأمَّا نحن فإكليلاً لا يفنى. إذًا، أنا أَرْكُضُ هكذا كأنَّه ليس عن غير يقين. هكذا أُضارِبُ كأنِّي لا أضربُ الهواء. بل أقمعُ جسدي وأستعبدُه حتَّى بعد ما كرزتُ للآخرينَ لا أصيرُ أنا نفسي مرفوضًا.
 
(1كورنثوس 9: 25- 27)
 
وتارةً أخرى يتكلَّم بشأن ‘‘الرياضة’’ و‘‘ترويض’’ الجسد فيقول لتلميذه تيموثاوس:
 
‘‘وأمَّا الخرافاتُ الدَّنِسة العجائزيَّةُ فارفضها، وروِّضْ نفسكَ لِلتَّقوى’’.
 
(1تيموثاوس 4: 7)
 
إنَّ هذا المفهوم للتلمذة غائبٌ عن معظم كنائسنا وممارساتنا الروحيَّة، وقدِ استُبدِل بهذا المفهومِ الحضورُ السلبيُّ في اجتماعات يقودنا فيها أشخاصٌ آخرون: إذ يعظون ويعلِّمون ونحن نسمع؛ يُصلُّون وينفعلون ونحن ‘‘نصلِّي من بعدهم’’؛ يرنِّمون ويسبِّحون ونحن نرنم برفقتهم. وحين لا نرنِّم بِحماسٍ كافٍ، فإنَّهم يلوموننا على ذلك ويوقفوننا ثُمَّ يُجلسوننا، من ثَمَّ يجعلوننا نردِّد عباراتٍ أو هتافات معيَّنة. بالطبع، لا بأس بالعبادة الجماعيَّة برفقة جمهور المؤمنين؛ وهي ذات دورٍ في منظومة التلمذة والتغيير، ومن الضروريِّ أيضًا تشجيع القيادة الجماعيَّة، أمَّا أن نهجُرَ التلمذة، التي تعلِّمنا الانضباط الشخصيَّ وترويض الجسد ومشاعره ونكتفيَ بالعبادة الجماعيَّة، فتلك هي المشكلة الحقيقيَّة والحلقة المفقودة في حياتنا الروحيَّة. يؤكِّد كنت هيوز هذا المفهوم في كتابه ‘‘التدريبات الروحيَّة للإنسان التقي’’[10] إذ يقول إنَّّ الحياة المسيحيَّة المنضبطة في عالم اليوم وفي كنيسة اليوم هي الاستثناء لا القاعدة. وينطبق هذا على شعب الكنيسة ورجال الدين على حدٍّ سواء. هذا ويصف دالاس ويلارد غياب هذا النوع من التلمذة بقوله إنَّه الغياب الأعظم في الكنيسة[11].
 
يردِّد علم النفس هذا المفهوم ذاته للتلمذة فيما يُعرَف بالذكاء الوجدانيّ[12]، لا سيَّما ذلك العنصر من الذكاء الوجدانيِّ الذي يتحدَّث بشأن القدرة على قيادة النفس وتأجيل اللذَّة والراحة في سبيل هدفٍ أسمى. إنَّ هذا العنصر من النضج الوجدانيِّ هو، في رأيي، حلقة الوصل بين النضج الوجدانيِّ والنضج الروحانيّ. فبينما يتيح النضج الوجدانيُّ الفرصة للإنسان أن يضبط نفسه ممَّا يمكِّنه من قيادة نفسه في كلِّ الأمور، كعلاقاته الإنسانيَّة في العمل والزواج، فإنَّ ممارسة التدريبات الروحيَّة من صلاةٍ وصومٍ وتأمُّلٍ وخلوة تتيح له أن يتواصل بالله؛ ويجعل من حياته إناءً مستقبِلًا لنعمة الله وقوَّته.

الصفحات