You are here

قراءة كتاب متى يختفي الآخر مني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
متى يختفي الآخر مني

متى يختفي الآخر مني

"متى يختفي الآخر مني" مجموعة قصصية صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، للقاص عبد الستار ناصر، وضمت سبع عشرة قصة، وهي آخر ما كتبه القاص قبل وفاته، قدمت للمجموعة الروائية هدية حسين مشيرة إلى ظروف

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

قبل الكابوس، سعيد بموتي!

أنا رجل كثير الأحلام، وبالدقة، كثير الكوابيس، أدخل في بيت معتم، وأخرج من العتمة يأخذني عنكبوت أشقر برأس أسود ويشبك سيقانه حولي، ثم يرميني إلى بيت آخر بين حفنة حشرات وزواحف تلسعني وتضحك، لا أدري هل تضحك الزواحف والحشرات؟
بمرور الزمان تغيرت الحالة تماماً، صارت الكوابيس واضحة وجارحة ومفهومة، أرى زوجتي على فراشي مع رجل آخر، بينما كنت مسافراً إلى دمشق، عدت قبل موعد الرجوع، وكان ما كان، شهقت وكدت أختنق، صحوت من النوم وحمدت الله أنني لم أتزوج بعد؟
من غرائب الكوابيس التي حطمتني تماماً، يوم حلمت بأنني خروف في طريقي إلى المسلخ، أنا الخروف الوحيد الذي يعرف أنهم سيذبحونه، حاولت أن أهرب، لكن القصاب ركض خلفي وأوسعني ضرباً، كررت الهروب، إذا بالقصاب يحيط رأسي بحبل متين بينما كنا نقترب من المسلخ، وكان دوري الأول بين الخراف جزاء ما فعلت بالقصاب·
مسكوني من أطرافي، جاءت السكين العملاقة وجزت رأسي، فصلته عن جسدي، تقيأت دماً في ساقية المسلخ وصحوت من النوم، كانت الساعة في غرفتي تشير إلى الرابعة فجراً ولم أعد إلى فراشي، قطعت بقية الوقت في القراءة بعد ان غسلت رأسي تحت الحنفية وتأكد لي أنني صحوت، كل شيء كما هو في غرفتي، المكتبة، شيء من الفوضى، حذائي عند الباب، ليس من خوف ولا حشرات ولا زواحف، المصباح في مكانه، وكذلك الملابس معلقة بالترتيب على مسامير الحائط، ورحت أقرأ·
مرت أيام دون كوابيس، ولا أحلام، أتأخر في النوم حتى الواحدة بعد منتصف الليل، أشرب شيئاً من الخمرة وأقرأ بعض القصائد والقصص العجيبة، ثم أمضي إلى سريري مطمئناً أن الكوابيس غادرتني ولن تعود، حتى أصدقائي لطيف ججو وسامي الحلو قالا: أنت في صحة جيدة، ولا أدري هل يعيشون الكوابيس مثلي؟
تغيرت حياتي فعلاً، منذ أن اختفت آخر رحلة مرعبة قطعوا فيها رأسي، ومنذ أن خذلتني زوجتي التي ما اقترنت بها حتى الساعة، صارت أيامي هادئة وأنفاسي منتظمة، أمشي في الشوارع وادندن مع آخر أغنية تمر على خاطري، أبتسم مع الناس من فرط النشوة، بل أكاد اصدق أن الناس يبتسمون معي، العالم يمكنه سهواً أن يكون أجمل·

Pages