You are here

قراءة كتاب متى يختفي الآخر مني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
متى يختفي الآخر مني

متى يختفي الآخر مني

"متى يختفي الآخر مني" مجموعة قصصية صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، للقاص عبد الستار ناصر، وضمت سبع عشرة قصة، وهي آخر ما كتبه القاص قبل وفاته، قدمت للمجموعة الروائية هدية حسين مشيرة إلى ظروف

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 10

مرة قرأت ما يشبه الشعر، يقول كاتبه( هذا ما أعرفه، الموت هو الموت، وما من أحد عاد من موته ليقول لنا شيئاً)··· وكلام كهذا يطربني ويرعبني في وقت واحد، أسأل نفسي مع كل موت أراه: هل سيعود هذا الذي مضى؟ هل يعيش حالة أخرى غير التي نحياها؟ ربما يرانا كل يوم عبر غلاف سحري شفاف بينما نحن نفعل الحسنات والسيئات غير مصدقين أنه مازال على قيد الوجود·
الكوابيس كانت تغطي جسدي وأنا أفكر في الموت، كم مرة دخلت ذاك البيت المعتم وكم مرة خرجت؟ كم مرة أخذني ذاك العنكبوت ذو الرأس الأسود ورماني إلى جمهرة الحشرات والزواحف وصارت تضحك مني؟ كم مرة جئت من دمشق ورأيت زوجتي مع رجل في غاية الوسامة، تشهق جزعاً وأشهق مخنوقاً وأصحو على رائحة الخيانة مع أنني لم أتزوج بعد؟ ولعل أكثرها رعباً ذهابي إلى المسلخ أنا الخروف العنيد الذي حاول الهروب من الموت فما كان أمامه غير السكين العملاقة تقطع رأسي ويضحك القصاب من غبائي قبل أن أصحو من أكثرها تحطيماً لعظامي وجلدي، أعني ذاك الكابوس الذي غربلني وخرمني وسمرني ورماني إلى مابعد الخوف بفراسخ لا ترى·
**
في بار( المرايا) على موعد مع سامي الحلو ولطيف ججو الذي يسمونه الحمار بسبب أذنيه الطويلتين وصوته المنكر الذي يمنعه من قول ما يريد ويكتفي بإشارات نفهم معناها جيداً، جلسنا نحتسي البيرة هادئين كأننا في عزاء، حتى بدأنا نشرب القنينة الثالثة، وفجأة، سمعنا لطيف ججو يضحك، ولم نفهم السبب، وبعد رشفة أخرى من البيرة ودونما سبب أيضاً راح سامي الحلو يضحك، نظرت اليهما مستغرباً، ماذا جرى؟ يبدو أن البيرة لها سحرها بعد القنينة الثالثة، ماذا سيحدث إذا بدأنا في ارتشاف الرابعة والخامسة؟
دخل البار جوقة من المخبرين والجندرمة السرية، نعرفهم من طبيعة هندامهم وملامحهم، وقبل أن نقول أو نفعل أي شيء، رأينا أحدهم يشير الينا، وبدون كلام وجدنا أنفسنا داخل سيارة مصفحة سوداء، ومن السيارة إلى غرفة مظلمة، ومنها إلى سرداب تحت الأرض، ومن السرداب إلى جب معتم، بل هو في غاية العتمة، نمسك الحائط لئلا نسقط أرضاً، نخاف أن ننطق، إذا تكلم لطيف ججو، الحمار الجميل، ستكون الطامة الكبرى، طارت البيرة ولم يبق منها غير التبوّل، أظنني فعلتها، ثمة رائحة زنخة عندما نفرز البيرة من شدة الخوف·

Pages