أنت هنا

قراءة كتاب الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

كتاب "الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة"، يتضمن الكتاب أربعة فصول: مجتمع الاستعراض (وهو كتاب ألَفه الكاتب الفرنسي غي ديبور)، ويتحدث هذا الفصل عن أوهام مجتمع الوفرة الذي تدعي الرأسمالية تأمينه للناس، في الوقت الذي تؤسس فيه لمجتمع الاستعراض القائم على الوهم و

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
مجتمع الاستعراض 
 
مجموعة منوعة من السلع تغزو العالم بمولاته وأسواقه مشكلة دوامة من الأشياء يقف المستهلكون في قلبها، ولا يملكون سوى سلطة الاختيار الخارجية وسلطة تحديد القيمة، ويعبر المجتمع عن نفسه أنه مجتمع الوفرة القادر على إشباع كل الاحتياجات وقادر على تلبية كل الرغبات ، ويتعرض الناس لقصف مستمر من الصور ليصبح الواقع شيئاً مستعملاً تحت سلطة التسويق الزائفة، وينكسر سحر واجهات المتاجر وتنكشف الأشياء على ما هي عليه فعلاً في علاقتها بالتملك الذاتي، فما يتم تملكه يفقد القيمة الغرائبية التي كان يتحلى بها ويظهر التفكير في وظائف الأشياء بعد الإستعمالات الأولى، ويتحول الاستعمال بحد ذاته أيضاً إلى سلعة تستهلك·  لم يكن غريباً في مظاهرات ضريبة الرأس في لندن الهجوم على أغلى المتاجر، وعلى ألمع لافتات الدعاية وعلى أفخر السيارات، فقد كان ذلك هجوماً مقصوداً على مظاهر الاستعراض والاستهلاك الصارخ، كان هجوماً على نمط يجعل كل شيء في مكان الحاجة، وعلى مجتمع همه الأساسي الاستهلاك أكثر وأكثر، مجتمع يربط الاستهلاك بالسعادة، ويربطه كذلك بالقيمة الاجتماعية للفرد·
 
قد يقول قائل: ومالمشكلة في ذلك؟ هل المطلوب منا العودة للوراء؟ وهل المطلوب منا أن لا نستمتع بكل هذا؟ إن الاستمتاع بالسلعة، هو الحاجب الاستعراضي للمتعة الإنسانية الحقيقية، وذلك ما حجب لردح طويل من الزمن المتعة الحقيقية عن الناس، متعة استعراض الأداة شاشة LCD، IPHONE، الحاسوب، البدلة الأنيقة،···· بديلاً عن حاجة الإستفادة منها· 
 
يقول عامل فرنسي منذ عام 1936 وأنا أحارب من أجل أجور أعلى، وقد حارب أبي من قبلي من أجل  أجور أعلى كذلك، وقد حصلت على ثلاجة، وتلفزيون، وسيارة فولكس فاجن، ولو سألتني لقلت لك إنها حياة كلب من البداية حتى النهاية (1: راية التمرد) (1)
 
للسلعة أو البضاعة قيمتان، استعمالية وتبادلية (2: رأس المال )· (2) القيمة الاستعمالية هي المرتبطة بحاجات البشر على اختلاف شكل الشهوة، شهوة المعدة أو شهوة الذهن· والقيمة التبادلية هي في عصرنا الحالي النقد· القيمة الاستعمالية للأشياء ملازمة للحاجة وغير متأثرة بعامل الزمن إلا إذا انتهت الحاجة نفسها! ستبقى القيمة الاستعمالية لتقنيات الاتصال ثابتة إلا إذا إنتهت حاجة البشرية للاتصال نفسه·
 
أما القيمة التبادلية فلها منحنيات اقترانية أعقد من ذلك في المنظومة الاقتصادية الرأسمالية، ويعود السبب في ذلك إلى تأثرها في العديد من العوامل الأخرى: العرض والطلب، آليات التسويق، والزمن· تنخفض القيمة التبادلية للسلع عادةً عند إنخفاض الطلب عليها، طبعاً لا يجوز التوقف عند هذا الحد في التوصيف وإلا سيكون التوصيف مبتوراً، فهناك ما هو أبعد من التفاصيل التكتيكية الساذجة التي رسمتها الرأسمالية نفسها، فمن يزيد العرض؟ ومن يزيد الطلب؟ بمعنى آخر من يزيد الحاجة؟ إن آليات التسويق الزائفة تلامس شهوة الذهن مباشرة، وتجعل من كل السلع ذات حاجة مباشرة، وتهجر هذه السلع بعد الإستعمالات الأولى! لذلك تتراجع قيمتها التبادلية مع مرور الزمن ليحل الجديد بديلاً عن القديم! وكأننا أمام تطبيق قانون نفي النفي على مستوى السلعة كذلك· 
 
لقد توسعت السلع وظيفياً بمنحى عمودي في كثير من الأحيان لجني الأرباح، وبدعم آليات التسويق تمكنت من غزو رغبات الناس وقلقهم، وهذا المنحى العمودي يتجلى في فقدان الأشياء قيمتها بعد الإستعمال الأول، ويتجلى في إنكسار سحرها بعد التملك الذاتي الذي تعمق كثيراً في الوعي، تعمق بتأثير المنظومة الاقتصادية الرأسمالية غير القادرة على الاستمرار لولاه، لو عجزت الرأسمالية عن خلق هذا الوعي لولى عصرها منذ زمن، ولكن هذا العامل شكل أساساً في استمرارها حتى اللحظة· ولتوضيح الفكرة، تعرض في الأسواق الهواتف النقالة بأشكال وألوان مختلفة مع إضافة ميزات جديدة، ويتم توزيع هذه الميزات بشكل مبعثر بين نسخ المنتج، وبذلك يصبح مجتمع الوفرة متنوعاً كذلك·

الصفحات