أنت هنا

قراءة كتاب الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

كتاب "الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة"، يتضمن الكتاب أربعة فصول: مجتمع الاستعراض (وهو كتاب ألَفه الكاتب الفرنسي غي ديبور)، ويتحدث هذا الفصل عن أوهام مجتمع الوفرة الذي تدعي الرأسمالية تأمينه للناس، في الوقت الذي تؤسس فيه لمجتمع الاستعراض القائم على الوهم و

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
في معالجة التوريط المالي هناك توجهان: الأول هو دخول اللعبة بإعتبار الدولار العملة القياسية والاستمرار في السداد والاستمرار في التحصيل على حساب الفئات الشعبية المفقرة، وهذا التوجه يعني بشكل آخر، اللعب في ساحة التفاصيل، التفاصيل الاقتصادية التي فرضها النموذج الاقتصادي الرأسمالي نفسه، أي محاولة الهروب بأدوات المدرسة نفسها· والثاني راديكالي الطابع يستلزم فك الإرتباط المالي والاقتصادي وخوض المغامرة بالكامل وصناعة تحالفات سياسية واقتصادية جديدة وبناء اقتصاد من طابع مختلف، من حزمة التبعية والاستهلاك إلى حزمة الإنتاج والتحالف التضامني·
 
في التوجه الأول حالة من الدخول في دوامة لا تنتهي، ولن تفرز في النهاية سوى المزيد من التبعية والتخلف، وستدخل المسألة في نفق لا نهائي من الديون والسداد المتواصلين، وسنتعرض لاحقاً لشكل الإقراض والسداد والمنطق الرياضي الذي تخضع له هذه العملية، المنطق الذي يستحيل معه السداد والخروج من الدوامة·
 
أما في التوجه الثاني حل نهائي وجذري للمشكلة ويتطلب كذلك الوقوف على استحقاقات هذه الخطوة والترتيب العميق والجدي لها·
 
إن فك الإرتباط المالي المتمثل بالدين في دول الأطراف، والدول العربية جزء منها، يتطلب فك الإرتباط الاقتصادي الإنتاجي، فالاقتصاد المالي هو التعبير الاستعراضي للاقتصاد الإنتاجي الصناعي والتقني·
 
سنموت جوعاً، أول ما سيطرحه المدافعون عن أشكال الاقتصاد التبعي والإرتباط بالرأسمالية العالمية· فمن أين لنا إذن بعد ذلك بمحطات التوليد الكهربائية، والسيارات الحديثة والمدارس والمراكز الصحية وحتى السلع الغذائية؟
 
إن الإجابة عن السؤال أعلاه تكمن في العديد من الملاحظات والنقاط المغيبة، المغيبة عن طرح الحلول الواقعية لتوضع دائماً في خانة الحلول الحالمة والطوباوية· إن كانت دول الأطراف هي منبع الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة، وإن كان لا بد لها أن تنهي خرافة الشعوب الوحشية والمتخلفة، فأين يكمن الحلم من كل ذلك؟ وأين تكمن ممكنات تحقيقه؟
 
إن المعيق الأساسي لهذه الأطروحة الحالمة هو الأنظمة السياسية غير الراغبة في هذه الخطوة، غير الراغبة في هذه الخطوة لانتفاء مصالحها معها، وهنا لا بد لنا أن نميز بين الرغبة والإرادة من جهة والقدرة من جهة أخرى، فهذه الأنظمة جميعها تستحضر شعار العجز عن الإقدام على هذه الخطوات وليس الرغبة أو الإرادة· 
 
هذه الخطوة ليست مجنونة أبداً، ففك الإرتباط المالي والاقتصادي هو القرار السياسي الجريء والذي يتطلب مجموعة من المحددات على رأسها: إسقاط جميع الأنظمة السياسية في الأطراف المدافعة عن هذا النظام لأنها لن تخطو هذه الخطوة أبداً ولن تنحاز لمصلحة المجموع على حساب مصلحتها هي، ومن هنا فلا مجال لإصلاح هذه الأنظمة، ولا مجال لتجميل قمعها وأساليبها الخداعية، ولا مجال لقبول شراكتها في أي مشروع قادم· هذه الخطة تتطلب في المستوى الثاني تكتلاً اقتصادياً و سياسياً ومعرفياً وتقنياً وصناعياً لدول الأطراف، والدول العربية جزء منها بطبيعة الحال· هذا التكتل القادر على وقف التدفق من الشمال إلى الجنوب، تدفق السلعة والفكرة· 
 
هذه المرحلة مرحلة متعِبة، فهي المرحلة التي ستبدأ فيها الأطراف في الخروج عن راحتها في الاستهلاك لما صنع في المراكز، وتبدأ بالضرورة مرحلة إنتاجية لبناء مجموع اقتصادي منتج، هدفه ليس الظهور بالشكل السيادي الشوفيني، ولكن هدفه الأساسي هو وقف التدفق، وقف التدفق يعني إيقاف تدفق السلع والمنتجات ومختلف البضائع من المراكز إلى الأطراف، عندها ستنفجر أزمة عالمية في المراكز معلنة عن عجز هذا النظام في المزيد من التوسع، فعندما تغلق أسواق الأطراف في وجه المراكز ستكون المعادلة الأساسية لتغيير نظام الرأسمالية كنظام عالمي قائمة وراهنة وملحة، إنه المضلع الكبير المنشود: نظام سياسي راغب ومصمم على بناء اقتصاد صناعي تقني ومتطور، نظام سياسي يوقف تدفق الموارد الطبيعية للمراكز، تطوير للبنى التعليمية بإتجاه بناء جيل منتج وقادر على ربط العلمي والتطبيقي، الخروج عن الإطار القطري اقتصادياً، ليأخذ شكلاً قومياً أوسع، مجموعة من التحالفات السياسية والاقتصادية مع كل من يعارض هذا الشكل الاستلابي والإستغلالي لدول الأطراف، وهذا الشكل من التحالف قد يشكل الأرضية الاستراتيجية لما يروج تحت عنوان عالم متعدد الأقطاب

الصفحات