أنت هنا

قراءة كتاب الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

كتاب "الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة"، يتضمن الكتاب أربعة فصول: مجتمع الاستعراض (وهو كتاب ألَفه الكاتب الفرنسي غي ديبور)، ويتحدث هذا الفصل عن أوهام مجتمع الوفرة الذي تدعي الرأسمالية تأمينه للناس، في الوقت الذي تؤسس فيه لمجتمع الاستعراض القائم على الوهم و

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 3
في استهلاك السلع واستعراضها، همشت وقفة البحث في وظائف الأشياء والحاجة إليها لصالح الاستعراض وهوس التملك الذاتي، والمتشكل أساساً بموجب تأثيرات النظام المادية بالدرجة الأولى!
 
توسع استعراض السلع ليتوسط علاقات الأفراد، وتتملك السلعة البشرية بأكملها، فما يحاول الناس أن يتملكوه اليوم قد تملكهم، وبات صاحب السيارة مملوكاً لها، وصاحب الثوب الأنيق مملوكاً له، وصاحب الحذاء الجديد، وصاحب الهاتف الذكي، وصاحب النظارات الواقية من الشمس، وصاحب آخر صورة في وضعية مختلفة على مواقع التواصل الإجتماعي، وصاحب النص الأدبي المختلف······ إلخ·
 
وتمتد العلاقات السلعية لتشمل كل جوانب الحياة وصولاً حتى إلى المسرح و الفكر والثقافة، تصبح المعلومة تباع وتشترى وتروج وتعرض وتستهلك كالخبز تماماً، وتفرد الصحافة أخبارها كالسلع وفقاً للمزاج العام ووفقاً لاحتمالات انتشار الخبر، اعتصام هذه الفئة من العمال بات خبراً عادياً ومستهلكاً ولا داعي من نشره، لقد نشرنا شيئاً مشابهاً في الماضي القريب وبات الخبر مستهلكاً وتتحالف صيغة الاستعراض ومنظومة احتكار المعرفة لغايات التطور الفردي، فاحتكار المعلومة في الصحافة هو الرديف المباشر لاحتكار المعرفة في المؤسسات التجارية الكبرى، والملكية هي العنوان الأساسي لهما· 
 
ويتم تقسيم الزمن إلى وحدات قابلة للبيع: وقت تناول الشاي، وقت النزهة، وقت الراحة الأسبوعية، وقت العلاقات الاجتماعية، ويعبر النظام عن نفسه وزمنه بإقتران خطي ثابت، وتصبح الجغرافيا وكذلك التاريخ وحدات إضافية للبيع والشراء، وتنتشر المؤسسات السياحية لبيعها، ليتمكن الناس من شراء أماكن تصلح للنظر إليها ولا تصلح للعيش فيها، من هنا مر جنكيز خان، وهنا نصب الرومان قلاعهم، وهنا كانت أول الصواريخ التي سقطت على بغداد، وهنا كانت تعتقل إسرائيل مناضلي الجنوب
 
وللـالنجوم حصة كبيرة  في مجتمع الاستعراض، الذين لهم غراميات، وفضائح، ومغامرات لا بد من الاطلاع عليها، فإذا نسي المرء فينا الحياة فإن باستطاعته أن يتماهى مع مجال كامل من الصور، له أن يكون أفضل لاعب كرة قدم بالنظر إلى أفضل لاعبي العالم، وله أن يكون المع المعارضين بطبع صور جيفارا  وبنسج واقع من الخيال يعيش فيه ويتمرد فيه ويحيا صورة الثائر الذي يريد، وحده هناك، وله أن يكون ألمع الكتاب الساخرين بالنظر إلى برنارد شو، وله أن يكون أنبغ الفلاسفة بالنظر إلى ماركس وهيوم وفوكو····، وله أن يكون أروع الشعراء بالنظر إلى المتنبي، والقائمة تطول· في مجتمع الاستعراض الشخصية المشهورة هي التمثيل الاستعراضي للإنسان الحي ونقيض الفرد الذي تتغنى الرأسمالية بالحفاظ عليه! المشهورون هم مواطنون نموذجيون يعوضون عجز مشاهديهم  عن أن يخبروا التجرية الحقيقية بالفعل أو بمعنى آخر في الواقع ، في الحقيقة· تحل الصور النمطية للنجم والفقير والشيوعي والقاتل من أجل الحب والمواطن الملتزم بالقانون والمتمرد والبرجوازي والرياضي والشاعر محل الإنسان واضعة في مكانه نسقاً من التصنيفات المتعددة النسخ، نسخاً استعراضية غير حقيقية، والحقيقي مكبوت، وفي انفصال كامل عن الواقع· نحب أن يقال لنا من نحن حقاً لأن استلابنا يجعلنا عاجزين عن التقرير لأنفسنا : من نحن؟؟؟، نحب أن نسمع توصيفاً إطرائياً لذواتنا يكمل منظومة الاستعراض، ويريحنا من عبء الحقيقة!!·
 
يقف الناس اليوم متفرجين على أنفسهم فيما يفعلون، تلاصقهم المرآة أينما ذهبوا والكاميرا كذلك، تغويهم التمثيلات الخارجية لما قد يكون وليس بكائن! تقيدهم سلطة الصورة وتمنعهم من العيش في الواقع الحقيقي وبالتالي صنعه·

الصفحات