أنت هنا

قراءة كتاب الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة

كتاب "الراسمالية وانماط الهيمنة الجديدة"، يتضمن الكتاب أربعة فصول: مجتمع الاستعراض (وهو كتاب ألَفه الكاتب الفرنسي غي ديبور)، ويتحدث هذا الفصل عن أوهام مجتمع الوفرة الذي تدعي الرأسمالية تأمينه للناس، في الوقت الذي تؤسس فيه لمجتمع الاستعراض القائم على الوهم و

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
الاستعراض هو رديف التسليع وهوكذلك منظومة اقتصادية اجتماعية شاملة، مجتمع يتفاخر بقدرته على العرض، وجمهور بات مستعداً للاستهلاك وإنتاج المزيد من السلع الاجتماعية الاستعراضية التي تزيد من عمر الاستلاب وتحول الحياة إلى أساليب استعراضية يستحيل معها أن يحيا المرء في الواقع، وتسحق فيه رغباته الحقيقية لصالح تلك الخارجية والغريبة·
 
الاستعراض لا يعني التباهي، الاستعراض هو الواقع الخارجي المفرز كاستحقاق للمنظومة الاقتصادية الرأسمالية، الاستعراض حقيقي وواقعي، وتوصيفه بالخارجي والغريب لقناعتنا بما يخفي خلفه من مكنونات تعطي تعريفات أخرى للمتعة ولمشاهد الحياة بأكملها، ولا يمكن لهذه المكنونات أن تظهر وتصبح واقعاً إلا بتفكيك المنظومة بأكملها وبناء منظومة أخرى قادرة على هذا الشكل من الاستفزاز، من الإستخراج· 
 
عرف المواقفيون (جماعات طليعية أوروبية أعلنت من قرية إيطالية صغيرة إقامة الأممية المواقفية والتي تعد بنظر الكثيرين أكثر حركات الجديد تمرداً وراديكالية وشمولاً في القرن العشرين)، عرفوا النظام الرأسمالي أنه تنظيم من الاستعراضات، لحظة مجمدة من التاريخ، من المستحيل أن نخبر فيها الحياة الواقعية أو أن نشارك بفعالية في بناء الواقع المعاش·
 
تمكنت الرأسمالية من دفع الناس للتفكير بنتائج الأفعال بدلاً من الإحساس بمضمونها، الشهرة من الفعل، البريستيج الإجتماعي، نظرات الآخرين، محاولة بذلك بناء عالم من الأوهام ومحاولة نشر فيروس جنون العظمة المثبط للإحساس بالتعاسة والضيق الواقعيين· 
 
وتمكنت كذلك من توسيط السلع في علاقات الناس، فباتت السلعة هي الحكم لمختلف القيم، باتت تمثل مقياساً عاماً، لقد ظهرت مسافة إزاحة واضحة في ظل الرأسمالية بين الناس و السلع التي ينتجونها ويستهلكونها·
 
لقد شملت منظومة الاستعراض مختلف الأشكال التي تقدمها الرأسمالية لجمهورها: مستويات الدخل، الضمان الاجتماعي، صنوف أوقات الفراغ، تشجيع الحريات الجنسية بعدوانية مقززة (تعرض هربرت ماركوز في الإنسان ذو البعد الواحد إلى هذا المشهد عندما وضح أثر تحرير الطاقة الجنسية بعدوانية على حرمان الإنسان من الشعور بالتعاسة والضيق اللازمين لرؤية الأمور على حقيقتها، ولتشكيل الوعي المطلوب، وبهذا استطاعت الرأسمالية أن تخلق دوراتها من الشحن والتفريغ، الأمر اللازم لإبقاء الطبقة العاملة تحت نير الإستغلال الرأسمالي)، شراء أي سلعة، سياحة، إختيار استهلاكي متنوع، إنه تحويل مباشر للحياة اليومية من الإبداع الحر إلى الاستهلاك المجنون الجائع·
 
إذن هي حياة الأفراد وهم يتفرجون على أنفسهم، في مجتمع يصرعلى أنه القادر على تقديم كل شيء، وإغراق المولات بالمزيد من السلع· مجتمع يصور نفسه وكأنه  قادر على إشباع كل الحاجات، كما يصر على توسيط السلع في كل لحظة من لحظات الحياة·
 
رزحت كل الأفعال تحت سلطة الاستعراض، فكل فعل ينجز هو غريب وخارجي، فهو ليس في سبيل إشباع حاجة ما إنما في سبيل إشباع حاجات على أطرافها!

الصفحات