أنت هنا

قراءة كتاب الغــــــرب بين الإزدهار والإنهيار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الغــــــرب بين الإزدهار والإنهيار

الغــــــرب بين الإزدهار والإنهيار

تقييمك:
4
Average: 4 (4 votes)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 10
ج . تنصر مارثن لوثر .. وبدؤه حركة تهويد المسيحية
 
تنصر هذا اليهودي في مطلع القرن السادس عشر ليبتدع بعذ ذلك المذهب البروتستانتي .. وينشق به عن المذهب الكاثوليكي .. ومن ثم ليناقضه ويعاديه .. ولتقع حروب دامية بين أتباعهما طيلة القرون الأربعة الماضية .. ولعل ما حدث في ايرلندا الشمالية لهو النموذج الأحدث على هذا العداء وتلك الحروب .
ان اخطر ما جاء به هذا المتنصر (لوثر) هو تمحور فكر مذهبه على تغيير النظر إلى التوراة .. والتي كان مجرد قراءتها محرما وممنوعا على النصارى .. ليصار النظر إليها على أنها أم العقيدة النصرانية .. ثم قيامه بعد ذلك بجمع التوراة والأناجيل الأربعة المعتمدة وبالإضافة إلى الرسائل والرؤى في كتاب واحد .. ليشكل من مجموعها الكتاب المقدس لدى النصارى .. ويصبح بعد ذلك إيمان النصراني لا يتم ولا يكتمل إلا بإيمانه بما جاء في التوراة اليهودية المحرفة .. ولعل هذا ما أشعل الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت .. ومن ثم بين الكنيستين الكاثوليكية والبروتستنتية حول "العشاء الرباني” .. وحول كون حلول المسيح الإله في تلاميذه حقيقيا كما يعتقد الكاثوليك .. أم مجازيا كما يعتقد البروتستانت.
فانظر إلى هذا التسلل إلى داخل معتقدات النصارى وبذر بذور الصراع والشقاق بين اتباعها أولاً .. ثم جر أتباع الكنيسة البروتستانتية إلى اعتبار اليهودية هي الأم الرؤوم للنصارى .. والإيمان بما جاء في توراتها لازم لاكتمال إيمان النصراني البروتستانتي .. هذا بعد ان كان مجرد قراءتها محرما وممنوعا على النصارى كما ذكرنا .. ومن ثمّ "ليصبح اليهود بعد ذلك الآباء الروحيين للنصرانية بعد أن كانوا مارقين خونة وملعونين” (1).. لنقول وبحق ان (مارثن لوثر) هو الذي خطا الخطوة الأولى والكبرى في عملية تهويد النصرانية.
ثم تطورت هذه المفاهيم والمعتقدات لدى النصارى البروتستانت .. لتقترب بل وتتمازج مع المفاهيم والمعتقدات اليهودية .. ومن ثم لتصبح بعض هذه الطوائف البروتستانتية .. وبخاصة البيوريتانتية في بريطانيا يهودية المحتوى .. نصرانية المبنى .. لا يرون نصرانية إلا من خلال اليهودية .. ولا خلاص للنصارى إلا بقيام مملكة إسرائيل .. ولا حتى مجيء للمسيح دون بناء هيكل اليهود في القدس.
ومن هذه المعتقدات وتلك المفاهيم كان تطلعهم إلى القانون اليهودي .. ليستلهم منه الغرب النصراني كله الدستور الأخلاقي لمملكة إسرائيل .. ليصبح هو دستورهم في استعمار الأمم والشعوب الأخرى .. ويجيز لهم قتل واستعباد واستغلال تلك الأمم والشعوب .. ونهب وسلب خيراتهم وثرواتهم .. ويجيز كل ما هو غير جائز في الأديان السماوية .. ولا حتى في الأعراف البشرية .. أليس هو قانون الشيطان ودستوره الذي وضعه قبيله وجنوده في غواية الإنسان كما بينا سابقا !.
وتحت تأثير مثل هذه المعتقدات وتلك المفاهيم .. وبنفث أبناء يهود وتحريضهم قام البيوريتانتز (Puretants) بسلسلة من الهجرات في بداية ----------------------------------------- ( ) المرجع السابق -27.
القرن السابع عشر إلى أمريكا ليقيموا فيها مملكة إسرائيل .. ولذا نجدهم أطلقوا عليها أسماء من أسفار العهد القديم (التوراة) مثل: “أرض الميعاد " و " أرض إسرائيل الجديدة " و" ارض كنعان " .. ولقد عبر (جون كوتون) الأب الروحي للبيوريتانتية الأمريكية عن هذه الحتمية القدرية قبل ان يتوجه إلى العالم الجديد لتأسيس مستعمرة خليج (ماساشوستس)(1): " ان الله حين خلقنا ونفخ فينا روح الحياة أعطانا ارض الميعاد وما دمنا الآن في ارض جديدة (أمريكا) فلابد من بداية جديدة للحياة نعمل فيها من اجل مجد (بني إسرائيل) هذا الشعب المختار العظيم.
وليؤكد هذا المعنى من بعده (جون وينثروب) زعيم البعثة البيوريتانتية إلى (ماساشوستس) في موعظته التي ألقاها في سفينة الهجرة في عام (1630م) مخاطباً المهاجرين عليها : "إنكم انتم أيضاً مقبلون على الأرض التي حلف الرب لآبائهم إبراهيم وإسحاق ويعقوب (آباء بني إسرائيل في العهد الذي أعطاه الرب لهم) ان يعطيهم إياها ثم أخبرهم بان مصير أمريكا مكتوب في هذا العهد الذي أعطاهم فيه الرب الأرض التي حلف ان يعطيها لآبائهم إبراهيم واسحق ويعقوب".
أرأيت تزويراً وتحريفاً يبلغ هذا المبلغ .. فقد أدخلوا أمريكا في العهد الذي أعطاه سبحانه وتعالى لإبراهيم عليه السلام .. ولكنهم أبناء يهود الذين بدلوا كلام الله وزوروه .. أيعجزون عن تزوير حادثة مثل
---------------------------------------------------------------------------------------(1) تهويد المسيحية
حادثة العهد هذه !! .. أليسوا هم الذين جاء فيهم كلام الله سبحانه وتعالى: " ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون الكذب وهم يعلمون " (سورة آل عمران – 78) .
وبفعل هذا المد اليهودي الذي حمله البيوريتانتيون إلى أمريكا .. نجد ان قوانين مستعمرات عديدة في أمريكا استمدت من شريعة موسى عليه السلام (المحرفة طبعاً) .. مثل مستعمرات بليموث (1636م) و (ماساشوستس 1647م) وكونكتكوت (1650م) .. بينما بعضها الآخر مثل مستعمرة (نيوهافن) فقوانينها مقتبسة اقتباساً حرفياً من أسفار التوراة .. ثم لتؤسس جامعات مثل جامعة هارفارد ( في عام 1636 ) وتكون فيها اللغة العبرية هي اللغة الرسمية .
وباختصار فان حركة الإصلاح البروتستانتي التي قادها هذا اليهودي المتنصر (مارثن لوثر) هي التي أدخلت أساطير " الشعب المختار" و " أرض الميعاد " و " لاهوت إسرائيل السياسي" إلى صلب العقيدة البروتستانتية والوعي الانجلوساكسوني .. ثم لتتطور حركة البيورتانتز البروتستانتية لتشكل ما يعرف الآن بـ “البروتستانت من اصل انجلوساكسوني أبيض" وهم المعروفون اختصاراً ب(الواسب) (White Anglo Saxon Protestant …WASP)
ولتتطور معها الهجمة على النصرانية .. ولكن هذه المرة لإجتثاثها من أصولها تمهيداً للقضاء عليها وتجيير أتباعها إلى اليهودية.

الصفحات