أنت هنا

قراءة كتاب سميولوجية الشخصيات الروائية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سميولوجية الشخصيات الروائية

سميولوجية الشخصيات الروائية

نقدم لقراء العربية طبعة جديدة، مزيدة ومنقحة، لكتاب فيليب هامون "سميولوجية الشخصيات الروائية"، وهي الدراسة التي تناول فيها مجموعة من القضايا الخاصة ببناء الشخصية في النص السردي.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
قدمــة المـترجـم
 
نقدم لقراء العربية طبعة جديدة، مزيدة ومنقحة، لكتاب فيليب هامون "سميولوجية الشخصيات الروائية"، وهي الدراسة التي تناول فيها مجموعة من القضايا الخاصة ببناء الشخصية في النص السردي. ودواعي ذلك كثيرة، فالطبعة الأولى من هذا الكتاب نفدت منذ فترة طويلة، والدار التي قامت بنشره اختفت من الوجود، والطلب عليه مازال قويا على امتداد الوطن العربي. ولسنا في حاجة إلى التذكير بقيمة هذا الكتاب التاريخية والراهنة على حد سواء.
 
لقد استطاع المؤلف، بقدرة فائقة على التركيب، أن يقدم خلاصة عامة لكل التصورات التي عرفها النقد الروائي في سنوات الستينيات والسبعينات. وهو ما يتضح من الإحالات المتكررة على أعلام ينتمون إلى مدارس بمرجعيات مختلفة. كما يتضح ذلك أيضا من انفتاحه على مجموعة من عناصر تعود إلى تكوين النص الروائي التي ظلت غائبة في المشروع البنيوي، خاصة ما يتعلق منها بإمكانية البحث في قضايا الشخصية وسيرورة انبنائها استناداً إلى ما يسميه في الفصل الثاني من هذا الكتاب "الملفات التحضيرية".
 
ومع ذلك، لم نكتف بإعادة نشره كما جاء في طبعته الأولى، فهذه الدراسة تحتاج، رغم أهميتها في صيغتها السابقة، إلى بعض النماذج التطبيقية التي تُصَدِّق على مقترحاتها بل قد تغنيها وتكملها، والمؤلف نفسه أضاف، إلى ما بسط القول فيه في الدراسة الأولى، مجموعة من التصورات التي اتخذت من مشروع المدرسة الطبيعية ومنجزاتها منطلقا لها. وقد تحقق ذلك خاصة في الكتاب الذي أصدره سنة 1983 وخصصه لدراسة الشخصية عند أحد أكبر ممثلي هذه المدرسة في السرد الروائي الفرنسي، ويتعلق الأمر بإميل زولا. ويحمل الكتاب العنوان التالي: موظفو الرواية: نسق الشخصيات في روغون ماكار لإميل زولا (دار دروز، جونيف).
 
ومن هذا الكتاب أخذنا فصلا كاملا أضفناه إلى الدراسة الأولى لخلق نوع من التكامل بين التحليلات التي انصبت على الخطاطات والبناء النظري ممثلا في التيار البنيوي، وفي جزء كبير من مقترحات "السميائيات السردية". وسيقدم في هذه الدراسة، كما سنرى ذلك، مجموعة من الخلاصات اعتمادا على نصوص روائية مخصوصة، لعل أهمها الربط بين عملية الوصف وبين بناء الشخصية استنادا إلى ثلاث ثيمات رئيسية: ما يتعلق بالنظرة والكلام والعمل، ودور هذه الأنشطة الحسية في الانتقال من السرد إلى الوصف، ومن إلى الوصف إلى السرد، أو المزاوجة بينهما ضمن لعبة سردية تراوح بين الانتصار لمعطيات الملفوظ وبين الاحتفاء بالآثار التي تسربها عملية التلفظ إلى السرد. والفصل الذي نقلناه إلى العربية يحمل العنوان التالي: الشخصيات والوظائف النمطية، موظفو التلفظ الواقعي.
 
وللتذكير، فإن النص الأول نُشر لأول مرة في مجلة Littérature العدد السادس سنة 1972، ثم أعيد نشره (مع نصوص أخرى) سنة 1977 بدار سوي في شكل كتيب يحمل العنوان التالي: "شعرية المحكي" (poétique du récit). ويعد من المؤلفات المؤسسة التي دشنت مرحلة جديدة في تاريخ الشعرية الغربية، الفرنسية منها على وجه التحديد. فقد بدأ التيار البنيوي في تلك الفترة يعرف انحصارا وتراجعا لصالح المد السميائي الناهض الذي حاول، في بعض نماذجه على الأقل، أن يعيد إلى النص بعضا من حيويته وغناه من خلال استحضار "الذاكرة الموسوعية" التي تعد الأساس الذي تقوم عليه عمليات التوليد والتأويل على حد سواء.
 
بل يمكن القول إن الفترة التي ظهر فيها النصان معا، الممتدة من سنة 1964 إلى منتصف الثمانينيات، كانت من أخصب الفترات في حياة السميائيات بصفة عامة، وسميائيات السرد بصفة خاصة. ففي سنة 1964 نشر بارث نصه المشهور "مبادئ السميولوجيا"، بعد ذلك بسنتين سينشر كريماص كتابه المؤسس "علم الدلالة البنيوي"، وهو كتاب اعتُبِر في مرحلة من المراحل نبراسا اهتدي به مجموعة من الباحثين الجدد الذين سيؤسسون مع نهاية السبعينيات "مدرسة باريس"، وكانت هي الصوت الفرنسي في مجال الدراسات السردية. وفي الفترة نفسها ظهرت أولى المقاربات التطبيقية في السميائيات السردية في مجلة "إبلاغات" العدد 8. هذا بالإضافة إلى مجموعة أخرى من النصوص التي كانت تصنف عامة ضمن هذه الموجة الجديدة، بما فيها كتابات إيكو التي ستشكل لاحقا توجها مستقلا.
 
استناداً إلى كل ذلك، يعد هذا النص نصا تأسيسيا بالمعنى المعرفي للكلمة، أي أنه يشكل في عمقه قطيعة مع مجموعة من التصورات السابقة التي تعاملت مع الشخصية كما تتعامل مع أشخاص يعيشون بين ظهرانينا. ومن هذه الزاوية، فإنه يبشر بمقاربة جديدة تضع عوالم التخييل منطلقا أساسا لقول شيء ما عن كائنات تستمد وجودها من إفرازات الثقافة الإنسانة (العوالم الممكنة)، ولكنها لا يمكن أن تعيش إلا ضمن استيهامات المتخيل. ففي هذا النص، واستنادا إلى المنجزات التي تحققت في تلك الفترة وقبلها، طُرحت، بشمولية كبيرة، أولى محاولات التحليل السميولوجي لمقولة الشخصية (الشخصيات هي كائنات من ورق، ولذلك تقتضي، من أجل فهمها، استحضار عوالم من طبيعة غير واقعية).

الصفحات