أنت هنا

قراءة كتاب الكويت من النشأة إلى الإحتلال

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الكويت من النشأة إلى الإحتلال

الكويت من النشأة إلى الإحتلال

هذا الكتاب هو الجزء الأول من سلسلة مكونة من ثلاثة أجزاء تتناول في مجموعها تاريخ الكويت السياسي منذ النشأة حتى نهاية العام 2012، ويتحدث هذا الجزء عن الفترة الممتدة من بداية وصول العتوب (آل صباح) إلى القرين (الكويت) في السنوات الأولى من القرن الثامن عشر إلى ا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6

تمتع العتوب في ظل حماية آل عريعر بنسبة كبيرة من الحرية التجارية في الوقت الذي كانت فيه أوضاع المنطقة مضطربة بسبب التنافس الفارسي التركي من جهة، والهولندي البريطاني من جهة أخرى، وقد انقسم العتوب إلى ثلاثة فروع رئيسية هي فرع الصباح والخليفة والجلاهمة، واتفق زعماء هذه الفروع على أن يتولى صباح الرئاسة وشؤون الحكم وأن يتشاور معهم ويتولى خليفة شؤون المال والتجارة ويتولى جابر شؤون العمل في البحر وتقسم جميع الأرباح بينهم بالتساوي، إلا أن وفاة أمير الأحساء سعدون بن محمد أشعلت الخلافات بين آل عريعر فانقسمت العائلة بين أبنائه دجين ومنيع من جهة، وأخويه علي وسليمان من جهة أخرى، فحُسم الأمر لمصلحة أخيه علي بن محمد آل عريعر·
وفي العام 1736، توفي علي بن محمد وانتقل الحكم إلى أخيه سليمان، فقام هذا بفتح جبهة جديدة ضد الموحدين وزعيمهم محمد عبدالوهاب، حيث أمر سليمان بطرده من مسقط رأسه - العينية - بسبب حكمه بالرجم حتى الموت على امرأة زانية، وهذا ما جعل عبدالوهاب يتوجه إلى الدرعية ليتحالف هناك مع زعيمها محمد بن سعود الذي أصبح العدو اللدود للأحساء وآل عريعر بعد ذلك، جاء ذلك في الوقت الذي كانت فيه القرين -والتي أصبحت تُسمى بـالكويت- تزداد قوة وازدهاراً بسبب حصول العتوب على تسهيلات بالغوص في مغاصات البحرين بعد مساعدتهم للشيخ ناصر آل مذكور (حاكم بوشهر) في احتلالها عام 1751 تقريباً·
وفي العام 1752، توفي أمير الأحساء سليمان بن محمد، فارتخت قبضة الخوالد على الحكم وتمكن صباح بن جابر العتبي من الاستقلال فعلياً بالكويت والتخلص منأي وصاية أخرى، وتمكن صباح أيضاً من تعزيز علاقاته بالقبائل المحيطة بالكويت والقوى الكبرى كالوكالة التجارية الهولندية التي كانت تعتمد عليه في تأمين طريق بضائعها المتجهة إلى حلب في بلاد الشام، وبالرغم من أن الشيخ صباح اعتمد على الشورى بالحكم، فإن العام 1753 شهد رحيل فرع البنعلي عن الكويتوتأسيسهم لقرية فريحة في قطر، أما عن أسباب هذا الرحيل، فالمرجح أنهم أرادوا الاقتراب أكثر من مغاصات البحرين الغنية باللؤلؤ·
ومع بداية النصف الثاني من القرن الثامن عشر بدأت سُلطة آل عريعر بالتقهقر، وتخلــصت القبائــل التابعــة لهــا من التزاماتها، فشهدت الكويت والمناطق المحيطة بها بعــض الغــارات ممــا استوجــب بناء سور حول المدينة في العام 1760، وبعـــد عامـــين مــن بناء السور توفي حاكم الكويت الأول الشيخ صباح بن جابـــر، وتولــى الحكــم من بعـــده ابنـــه مبارك الـــذي حكم لسنــــة واحـــدة فانتقل الحكم منه إلى أخيه الأصغر الشيخ عبدالله بن صباح في العام 1763، وبعد فترة قصيرة من حكم عبدالله قرر الشيخ خليفة بن محمد ترك الكويت والرحيل إلى البحرين بصحبة التاجر الكبير الشيخ رزق الأسعد، إلا أنهم لم يتمكنوا من الإقامة فيها فتوجهوا إلى قطر لتأسيس قرية الزبارة حوالي العام 1766، ولحقهم بعد ذلك بفترة قصيرة أبناء فرع الجلاهمة، وبذلك أصبحت الكويت تحتالسيادة الكاملة لآل صباح والشيخ عبدالله·
ويتفق المؤرخون على أن هجرة آل خليفة من الكويت واستقرارهم في الزبارة لم تتسبب في العداء مع شيوخ الكويت، بل إن العلاقة اتخذت الشكل التكافلي من حيث التعاون وفتح الآفاق بشكل أكبر للتبادل التجاري والنقل البحري، وهذا ما ساهم في ازدهار الزبارة بشكل كبير وبروزها كقوة اقتصادية جديدة في الخليج، فلفتت أنظار القوى الأخرى كالقواسم في رأس الخيمة وسلطان عمان في مسقط، إلا أن تنافس القوتين أشغلهم عنها مؤقتاً، وعلى الجانب الآخر تربص الحكام العرب المتواجدين في بر فارس من هذه المدينة الجديدة، خصوصاً بعد أن قررت الوكالة التجارية الإنجليزية في بوشهر الانتقال إلى البصرة في العام 1770، مما تسبب بخسارة فادحة للحياة التجارية في بوشهر، وازدهار غير مسبوق في البصرة، فقرر حاكم إيران كريم خان زند الانتقام من البصرة·
وبالفعل، وجد كريم خان فرض والي بغداد الضرائب على حجاج كربلاء من الإيرانيين سببا وجيهاً لاحتلال البصرة، فوصلت إليها الجيوش الفارسية في السادس عشر من مارس 1775، وواصلت حصارها للمدينة حتى دخلتها في منتصف أبريل من العام 1776، وهذا ما أدى إلى انتقال الوكالة التجارية الإنجليزية من البصرة إلى الكويت(43) التي نجح حاكمها في تحصينها من التأثر بأحداث البصرة، وهذا ما جعل السلطات البريطانية تحرص على بقاء الكويت خارج دائرة النفوذ الفارسي·
وبذلك أصبحت الكويت أهم الموانئ التجارية في الخليج، واتسعت تجارتها وسطوتها في المنطقة، واكتملت سيطرة العتوب على الخط التجاري الممتد من الزبارة إلى الكويت، لكن هذا النجاح أكسبهم أيضاً عداوات الموانئ المنافسة، فبدأ حاكم بوشهر - والبحرين - بالتحرش بالعتوب في الزبارة، وبدأ حكام المحمرة من الكعوب بالتحرش بالعتوب في الكويت·
وفي العام 1779، توفي كريم خان زند مقتولاً واضطربت الأوضاع الداخلية في إيران فانتهى الاحتلال الإيراني للبصرة، وعادت الوكالة التجارية الإنجليزية - من الكويت - إليها، وقد أطلقت وفاة كريم خان يد حكام الخليج من العرب للتنافس بشراسة، فـدفع جميع زعماء سواحل الخليج إلى أن يجهزوا مراكب مسلحة يسيرها بحارة لا يعترفون بحكم أي قانون، ولا تخضع مراكبهم لأي سلطات، يعتمدون على النهب فحسب - من أجل معاشهم الذي كانوا يمارسونه دون تمييز، فاشتعلت الحروب بين القواسم وسلطان مسقط·

الصفحات