أنت هنا

قراءة كتاب من يتحدى القدر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من يتحدى القدر

من يتحدى القدر

رواية (من يتحدى القدر)؛ تهادى الصبي صاحب العيد فوق العشب الأخضر وهو يغمغم مبتهجاً لبراعته، فيما راحت شقيقته التي تكبره بعامين ترعاه بحذر آخذة على محمل الجد أسبقيتها لشقيقها بسنتين.
أعلنت الجدة بإعجاب: "فيكتوريا طفلة حريصة".

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

هزّت ليوني رأسها نفياً: "هذه فكرتي أنا. أنا لا أصفح عمّا فعله والدي، لكنني أكره رؤيته محتجزاً في السجن. أنا واثقة أنه لن يقوم بأي مقامرات أخرى بعد الآن".
ساد الصمت مطولاً، وتمنت ليوني لو أن بمقدورها أن تعرف ما الذي يجول في رأس ذلك الرجل الأسمر المتغطرس. حسناً! إنها ما تزال هنا، وهذا الأمر بحد ذاته منحها بعض الأمل.
سألها فيدال بعد مدّة: "أتظنينه مستعداً لمتابعة عمله هنا نظراً إلى الظروف الحالية؟ حتى الآن لا يعرف حقيقة الأمر إلاّ شخص واحد فقط، لكن من المحتمل أن يشك الآخرون بالموضوع".
انتبهت ليوني أنها تحبس أنفاسها فأطلقتها بتنهيدة حذرة، ثم قالت: "سوف يضطر إلى التعايش مع هذا الأمر. إنه جزء من الثمن الذي يجب أن يدفعه".
استقام فيدال في وقفته، وابتعد عن إطار النافذة بهيئته البرتغالية المليئة بالحيوية وطوله الذي يبلغ الست أقدام، ثم قال: "أنا بحاجة إلى بعض الوقت للتفكير بالأمر. سوف أعطيك جوابي هذه الليلة... في شقتي".
هزّ رأسه ما إن فتحت ليوني فمها لتعترض، فيما ظهر لمعان قاس في عينيه. تابع يقول: "الثامنة مساءً. إلا إذا كنت تفضلين تسوية المسألة هنا والآن".
علمت ليوني بالضبط ما الذي يعنيه بالتسوية التي سوف تواجهها عند الساعة الثامنة. حسناً! لا جدوى من التوسل إليه. إن أرادت أن تحقق النجاح في ما تصبو إليه، فسوف تدفع الثمن بدورها.
لم تبذل ليوني أي مجهود لإخفاء امتعاضها فيما نظرت إليه وقالت: "حسناً! كان يفترض بي أن أتوقع هذا".
قوّم فيدال كتفيه العريضتين فيما بدت ملامحه قاسية عديمة الرحمة، ثم قال: "أظن أنني أستحق بعض التعويض، لكن الخيار يعود إليك بكامله".
استدارت ليوني من دون أن تتفوه بأي كلمة أخرى، وغادرت المكتب. اتجهت نحو المصعد من دون أن تلتفت يميناً أو يساراً.
هناك أمر واحد مؤكد: لن يجدد فيدال عرضه بالزواج منها هذه الليلة. سوف يبحث عن طريقة ليهينها تماماً كما أهانته هي منذ سنتين. مجرد تفكيرها بذلك جعلها تشعر بانقباض في أعماقها، لكن إن كان ذلك يعني بقاء والدها خارج السجن فسوف تضطر إلى التعايش مع الأمر.
في طريق عودتها إلى المنزل أخذت تفكر بالرجل الذي غادرت مكتبه للتو؛ فيدال باريلادوس سانتوس هو ظاهرة فريدة، فقد أصبح أحد أبرز الصناعيين الناجحين في أوروبا وهو ما يزال في الخامسة والثلاثين من عمره فقط، على الرغم من أنه كان بمقدوره أن يسير متباطئاً في دروب الحياة، فهو وريث عائلة ارستقراطية برتغالية. قابلته ليوني لأول مرة بعد أسابيع قليلة من تولي والدها منصب رئيس المحاسبة في شركته في لندن. لابد لها أن تقر بأنها شعرت بالانجذاب نحوه في بادئ الأمر، فقلة من النساء يمكنهن مقاومة مظهره الجذاب. إلاّ أن افتراضه المتعجرف بأنه قادر على الحصول على أي امرأة يريدها ضايقها. أما ما سبب لها الصدمة فهو عرضه الزواج عليها. لم تقع ليوني فريسة أي أوهام، إذ أدركت أن كل ما يراه فيها وجلَّ ما يشتهيه هو القشرة الخارجية فقط. إنه لا يعرف شيئاً عن الشخص الموجود في داخلها، كما أنه لا يريد معرفة شيء عن ذلك. فما إن يسأم منها حتى يتخلص منها كما يفعل بنسائه الأخريات. يومها لم يعرف والدها شيئاً عن عرضه الزواج بها. بعد أن توفيت والدتها منذ أربعة أعوام، لم يبد والد ليوني اهتمام بأي شيء سوى العمل، أو هذا ما كانت تظنه. لم تعرف ليوني متى بدأت لديه مشكلة المقامرة، لكن يبدو أنها استمرت بما يكفي حتى تجعله يسلب أكثر من ثمانين ألف جنيه من أموال الشركة. على أي حال، كما يحصل عادة للمقامرين، فقد تقدمت خسارته بأشواط على أرباحه.
شعرت ليوني بالقلق على والدها. إن زجه فيدال في السجن فسوف تسوء صحته، وربما تخسره كما خسرت والدتها من قبل. إن كان تفادي ذلك يتطلب تضحية منها فهذا ما عليها أن تقوم به.
كانت الساعة قد تجاوزت الرابعة حين وصلت ليوني إلى منزلها في تلال نورثوود، وهو المنزل الذي تتشارك به مع والدها. إنها في السادسة والعشرين من عمرها وتكسب راتباً محترماً، بحيث يمكنها أن تتحمل نفقات الحصول على منزل خاص بها، لكنها ترفض أن تنتقل إلى مكان أصغر حجماً، كما أنها لم تقوَ على على ترك والدها يعيش في أرجاء المنزل وحيداً. إنه في الواقع لا يمتلك أي خيار سوى أن يبيع منزله إذا ما ساءت الأمور إلى أقصى الحدود.
كان ستيوارت باكستر يجلس إلى منضدته في غرفة المكتب، يلعب بتكاسل باللعبة المخصصة للأشخاص الذين يمارسون وظيفة إدارية، وهي لعبة أهدته إياها ليوني لمناسبة عيد الميلاد الماضي. رفع نظره عندما دخلت، فيما بدت عيناه ذاويتين وتعابير وجهه ذابلة.
قال لها بكآبة: "لم أتبلغ أي شيء بعد. مازلت أتوقع وصول الشرطة في أي لحظة!"

الصفحات