أنت هنا

قراءة كتاب اكتشاف جزيرة العرب - خمسة قرون من المغامرة والعلم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
اكتشاف جزيرة العرب - خمسة قرون من المغامرة والعلم

اكتشاف جزيرة العرب - خمسة قرون من المغامرة والعلم

كتاب " اكتشاف جزيرة العرب خمسة قُرون من المغامرة والعِلم " ، تأليف حمد الجاسر ترجمه إلى العربية  قدري قلعجي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2006 ، ومما

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 10

الجزء الثانى

رواد مصادفة

- كليًا - عصر السيادة البحرية البرتغالية على البحور الساحلية لشبه جزيرة العرب ، حتى تؤسس شركات الهند الهولندية والإنكليزية فى أوائل القرن السابع عشر ، فيكون ذلك إيذانًا بالصعوبات التى ستعترض السيطرة البرتغالية بل بأفول نجمها .

كان البرتغاليون يأملون بعد افتتاح الطريق البحرية إلى الهند ، مرورًا برأس الرجاء الصالح، أن يحوّلوا إليها لمصلحتهم المتاجرة بمنتوجات بلاد الهند . وكانت هذه المتاجرة تتم فيما مضى عن طريق بلاد العرب ، والخليج العربى ، والبحر الأحمر ، إلى الموانئ التركية الواقعة على البحر الأبيض المتوسط ، بطريق برية بحرية مشتركة . فكان البرتغاليون - إذن - يهدفون إلى سد مداخل الخليج العربى والبحر الأحمر ، كى يتم نقل البضائع بوساطتهم من وكالاتهم التجارية المنشأة على السواحل الهندية والعربية إلى لشبونة .

وقد رأينا أن الخطوة الأولى التى قاموا بها هى التركيز فى كلكته على الساحل الهندى . ومن هنالك ، قرروا القيام بمراقبة حركة النقل التجارية فى الخليج العربى . فشيدوا حصنًا فى هرمز ، وآخر فى البحرين ، وثالثًا فى عمان على طرف شبه جزيرة العرب . وكان لابد - بعد ذلك - من التأكد من مدخل البحر الأحمر ، لذا فقد ظهر أسطول برتغالى سنة 1513 أمام عدن بقيادة ألفونسو دى البوكرك . وقد قام هذا الأسطول بمحاولة هجوم عند الفجر . ولكن الميناء المحاط بأسواره المنيعة أبدى مقاومة شديدة . وكان ألفونسو دى البوكرك قد رسم خطة يحاول فيها الاستيلاء على جثمان النبى محمد فى المدينة ، وطلب كنيسة القدس فدية له . فلما أخفق فى هجومه على عدن صعد البحر الأحمر ثانية ولم يقم بمحاولة أخرى غير الاستيلاء على بعض السفن. وقد اكتفى البوكرك ، فيما بعد ، بفرض المراقبة على مدخل البحر الأحمر بين طرفى رأس الفرتك ورأس غودفوى .

اتخذ البرتغاليون مراكز فى مسقط على الساحل الجنوبى فى سحار ، ومطرح ، وقريات .

ومن الطبيعى أن هذه السياسة التجارية الهادفة إلى تقوية حركة النقل التجارى بحرًا باتجاه لشبونة ، على حساب الموانئ التركية فى الشرق ، سببت لهم معاداة الأتراك ، الذين ما كادوا يستولون على مصر ، حتى وجهوا تباعًا حملتين بحريتين (1519 و1538) لمحاربة البرتغاليين فى المحيط الهندى . ولكن النتيجة الأولى والأخيرة التى حصلوا عليها ، كانت الاستيلاء على اليمن التى بلغوها عن طريق ساحل البحر الأحمر ، فى كلتا الحملتين .

ومهما يبدو الأمر غير متوقع ، فقد أفاد الغرب من الحملة التركية فى سنة 1538 ، الحصول على قصة هذه الحملة مع وصف مختصر للطرق التى سلكتها فى البحر الأحمر وفى اليمن ، بقلم أحد أبناء البندقية . فقد كان الأتراك محتاجين بالفعل ، إلى فنيين فى الملاحة لحملتهم هذه ، فأسروا فى ميناء الإسكندرية ، بحارة سفينة بندقية ، ولم يخلوا سبيلهم إلا عند عودتهم منها . وقد نشرت قصة هذا الكاتب المجهول منذ سنة 1540 فى مجموعة إيطالية لقصص الرحلات .

كان الأتراك قد استولوا فى اليمن ، على العاصمة صنعاء ، وعلى المدن الرئيسية فيها ، وكانوا مسيطرين على طرق المواصلات الكبيرة عبر البلاد . ولكن بعض المناطق كانت ماتزال معادية للأتراك ، ميالة إلى البرتغاليين . وظلت عدن حتى سنة 1635 ، خاضعة للرقابة التركية (باستثناء فترة العصيان الذى أعلنه العرب عليهم سنة 1547) . ولكن على طول الساحل كانت تتعاقب سلطنتا الشحر وظفار التابعتان قانونيًا لباشا صنعاء ، وبينهما سلطنة قشن التى كانت تتبعها جزيرة سقطرى . وبما أن البرتغاليين كانوا يكتفون بالحصول على قاعدة بحرية فى سقطرى كانت هذه السلطنة ميالة إليهم . وكانت عُمان تحتوى عدة قلاع برتغالية .

وكان للبرتغاليين - عدا أهدافهم التجارية - رغبات فى القيام بحرب صليبية ، أو بحملة تبشير . وقد وجهت جهود التبشير إلى بلاد الحبشة ، ومن ثم منشأ رحلات الاستطلاع العديدة الموجهة إلى ساحل البحر الأحمر الغربى بين سنة 1515 وسنة 1528 .

ولكن حاكم الهند البرتغالى الدون استيفاو دى غاما ، قام برحلة ارتياد حقيقية إليها سنة 1541 ، اصطحب فيها الدون جواو دى كاسترو الضابط والرياضى والعالم الفذ ، لذا فقد كان الكتاب الذى وضعه باسم « روتيرو » أول مؤلف وضع على أساس الملاحظة العلمية ، والمعلومات الدقيقة التى تمكن رجل غربى من إيرادها عن البحر الأحمر . لقد طبق جواو دى كاسترو فى كتابه هذا طرائق جديدة ، ألهمته إياها عقلية علمية صرفة .

إلا أن هذه المخطوطة القيمة لم تصلنا إلا بعد أن مرت بظروف غريبة . فقد وقعت فى يد قرصان إنكليزى على ظهر سفينة برتغالية ، فأخذها إلى بلاده وباعها من السيد وولتر راليه نحو آخر القرن السادس عشر ، ثم ترجمت إلى اللغة الإنكليزية ، بعد انقضاء ثمانين سنة على وضعها، ونشرت سنة 1625 فى مجموعة إنكليزية لقصص الرحلات .

ولم تقم أية مجازفة أخرى على الشاطئ العربى ، غير مجازفة لوبو صوارز دى البرغاريا أمام جدة سنة 1517 ، ومجازفة روى غونسلافز دى كاميرا إلى المخا ، وأدى ذلك إلى معرفة سواحل هذا البحر معرفة أفضل .

وبما أن البرتغاليين لم يبذلوا أى جهد للتوغل فى داخل البلاد ، كان الأسرى وحدهم هم الذين استطاعوا أن يكشفوا الحجاب أمام عصرهم عن بعض نواحى شبه الجزيرة العربية .

كان الأتراك فى الواقع ، يستولون على ما أمكنهم الاستيلاء عليه من الأسرى ، ويقبلون الإفراج عمن تدفع لهم عنهم فدية مالية مهمة . وكان البرتغاليون بدورهم يبيعون الأسرى الذين يقعون فى أيديهم ، كما تشهد على ذلك هذه الحادثة الطريفة الجديرة بالذكر ، وهى أن أحد الجنود رأى بين الأسرى العرب رجلاً يهوديًا كان قد أنجده ذات يوم ، فسأل القبطان أن يخصم من مرتبه المبلغ اللازم لافتدائه ، وأفرج عنه .

الصفحات