أنت هنا

قراءة كتاب نزهة في رياض الأدب والأدباء

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نزهة في رياض الأدب والأدباء

نزهة في رياض الأدب والأدباء

منذ أن وقعت في حب الأدب في الثمانينيات من القرن الفائت، وأنا أقرأ وأطالع لكبار الأدباء والكتاب المعاصرين كهواية متجذرة في روحي ونفسي.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2
ويلحظُ القارئُ أيضاً، العمقَ الفكري لكاتبةٍ تجشمت عناء النقرِ والبحثِ في البعدِ الأدبيِ للكتّاب الذين عرضت لهم، ولولا أنّها مسلحةٌ مسبقاً بمعرفةٍ أدبيةٍ شاملة، وعلى درايةٍ بألوانِ الأدب العالمي، لما استطاعتْ أنْ تجمعَ هذا الشتات الأدبي من لغاتٍ وثقافاتٍ مختلفة. فقد أتحفتنا في تحليلها المعمق والهادف للأدب، وشخّصت الواقعَ الأدبيَّ والنقدي العربيين تشخيصا دون مزايدةٍ، أو تطاول، وإنّما بالحجة والدليل، مما يجعل القارئَ يقفُ على منهجيةٍ علمية بحتة، بعيدة عن إسفافِ القولِ ومرذوله.
 
والكتابُ بجملته يقع في ثلاثة وعشرين مقالا بسطت في مقدمته رأيَها في الشعرِ وعبقريةِ الشعراء، وما يجبُ أنْ يتوفرَ في الشاعرِ من إحساسٍ، وإنسانيةٍ، وقريحة، وبعدِ نظر؛ كما تناولت ثلاثَ أديباتٍ من فلسطين: فدوى طوقان، وفيحاء عبد الهادي، ومي زيادة ؛ ثم حاورت الشاعر الكبير غوته، ولا غرابةَ في اختيارها له كأحدِ كبارِ شعراءِ الغرب وأدبائِهم، الذي عُرف عنه عشقُه للشرق وأدبِه، ونقلت لنا بحوارها معه خصوصيةَ غوتة، كأنّها معايشة له.
 
والذي يقرأ مقالات هذا الكتاب، يجد أن للكاتبة أراء نقدية وأدبية مميزة، جعلتها تحلقُ عالياً في سماءِ الأدب، حيث تناولتْ شعراءَ وكتّاباً وأدباء، ومسرحيين كباراً، منهم: إبراهيم طوقان، والمتنبي، وجبران، وشكسبير، وتوفيق الحكيم، وجليلة رضا، ورابعة العدوية، والمفكر اليوناني أرسطو. وضمنت كتابها دراساتٍ أدبية ونقدية، أظهرتْ فيها قدرةً فائقةً في تحديدِ ماهيةِ الأدب والأديبِ ومصادر إلهامه؛ لذلك حين نطوفُ في رياضِ هذه النزهة الأدبية الرائعة، نجد أنفسَنا في بستان أدبي يحوي من كلِّ لونٍ زهرةً، لها رونقُها وعبقُها المميز، فقد أحسنت الكاتبةُ اختيارها، وأجدني مستوحياً فكرةَ مؤلفة الكتاب، وهي تتنقلُ في عالمِ الأدباءِ، كأنّها منهم، وأجدُها توأمَ الأديبة مي في تجديدِ أدبِ الصالوناتِ الأدبية؛ فالكاتبةُ تفانت في تكريسِ جهودها في الحقل المعرفي، وآفاقهِ المتعددةِ، وفي تقاربِ الحضارات العالميةِ المختلفةِ، الممثلةِ بأدبائها، وركزت ـ وهي تعرضُ لهم ـ على أهمية تعارف الأممِ بعضها ببعض، ولم يثنها عملُها الأكاديمي، وما يتطلبه من جهدٍ في مجالِ التدريس والبحثِ العلمي الرصين، عن ولوج ميدان الأدب بأساليب مختلفة، ومن بينها تأليف هذا الكتاب القيم.
 
ولعل أولى حسنات هذا الرصد الأدبي والمنهجي المميزين: أنّه يجعل القارئَ يعانق واقعاً أدبياً مختلفاً بألوانه وموضوعاته، ما بين الشرقِ والغرب، وثانيتها: إثراء المكتبةِ العربية بمجالاتٍ فكريةٍ وأدبيةٍ ونقدية، وثالثتها: الإسهام في التعريفِ بمجهودِ عدد من الأدباءِ العالميين: محدثين وقدماء، بعيداً عن مواقعِ النفوذِ الأكاديمي، كما أنَّ هذا الكتاب، يطرحُ الكثيرَ من التساؤلات، أبتْ صاحبةُ الكتابِ إلّا أن تشاركَ القارئَ في طرحها، تاركة له فضاءً واسعاً في البحث عن إجابتها، وبخاصة في مجال المنهجيةِ العلميةِ في الدراساتِ الأدبية.
 
ويأتي هذا الكتابُ مكملاً لجهودِ الكاتبةِ للبرنامج الفكري، الذي قدمته في كتبٍ مختلفةٍ في التربية والأدب، فهي كعادتها عملت، بكلِ موضوعيةٍ، على تمحيصِ العديد من التصوراتِ الأدبيةِ، التي تطرحها في هذا الكتاب، تاركة للقارئِ حريةً أوسع من التفكيرِ السليم، فيما يجبُ عليه عمله في نشر الثقافةِ الأدبيةِ، كواقعٍ يومي، يجب تكريسه والمثابرة عليه.
 
وختاما، فإن غايتنا جميعا كأدباء وكتاب ومثقفين، مطالعة الإنتاج الأدبي بكلِ ألوانِه، كي نتصالحَ مع ذاتنا، علنا نجدُ لنا مكانةً مرموقةً بين الأمم، تجعلنا مؤثرين ومتأثرين، فما صنعتْه الكاتبةُ من خلال هذا الكتاب ـ وبكلِّ موضوعية ـ هو تذوق الأدب أولا، والقيام بدراسةٍ مجديةٍ لبعض الأدباء، بحيث لا أجدني أمامها إلّا أن أشكرَ لها جهدها المتميز، الذي يُبقي البابَ مفتوحاً أمام الباحثينَ والدارسين في مجالِ الأدبِ والفكرِ والثقافة .
 
الدكتور عبد الرؤوف خريوش
 
تخصص اللغة العربية وآدابها
 
جامعة القدس المفتوحة
 
نابلس – 2012م

الصفحات