أنت هنا

قراءة كتاب نزهة في رياض الأدب والأدباء

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نزهة في رياض الأدب والأدباء

نزهة في رياض الأدب والأدباء

منذ أن وقعت في حب الأدب في الثمانينيات من القرن الفائت، وأنا أقرأ وأطالع لكبار الأدباء والكتاب المعاصرين كهواية متجذرة في روحي ونفسي.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7
نزهة مع الشاعرة فدوى طوقان
 
في مذكراتها "الرحلة الأصعب!"
 
لا شيء أجمل عندي من أن أقطع تذكرة سفر للسياحة في دنيا العلم والأدب، ولا أظن أنني استمتعت برحلاتي الأدبية كالرحلة التي استمتعت بها مع الشاعرة فدوى طوقان في مذكراتها بجزأيها: رحلة صعبة ... رحلة جبلية، والرحلة الأصعب، وبقدر ما كانت رحلة فدوى في حياتها صعبة، بقدر ما كانت رحلتي معها جميلة ممتعة، بل وساحرة فاتنة ولها مذاق خاص، وكيف لا وأنت عندما تقرأ مذكراتها تشعر أنك تسبح في محيط من الصور بحيث تفضي بك من مشهد إلى مشهد أرحب منه، ومن صورة إلى صورة أعمق منها، إلى أعمق، وأعمق، وأعمق حتى لينتهي بك المطاف إلى مسرح الحياة النابض بالمواقف الإنسانية والأحداث المتلاحقة بكل ما فيها من ألم ومعاناة وفرح وترح.
 
ولعل أكثر ما يثير انتباهك وأنت تتجول في هذه المذكرات هو أنك لا تقرأ مذكرات شاعرة فحسب، بل مذكرات شعب بأكمله له قضية وصاحب حق، عانى وعانى من نير الاحتلال وما زال يعاني ويكافح ولا شيء أمامه إلا الأمل والتصميم على نزع حقه نزعا، نعم إن هذه المذكرات ليست مذكرات فدوى وحدها، بل مذكرات كل طفل فلسطيني وكل شاب، مذكرات كل صبية وكل رجل وكل فرد وكل أديب وكل شاعر، فهي مذكرات محمود درويش وسميح القاسم، مذكرات رندة النابلسي وباسمة حلاوه، ومذكرات ابن نابلس والخليل، ورام الله وطولكرم والجليل. هي مذكرات كل الشعب وكل فرد نبت على أرض فلسطين وخفق قلبه بحبها وتفتح بين أحضانها ونما على أرضها كشجرة زيتون راسخة الجذور وارفة الفروع. ولا عجب في ذلك، فهذه المذكرات صاغتها يد شاعرة نشأت وترعرعت في أرض فلسطين فعانت كما عانى شعبها، وكافحت كما كافح، وتألمت كما تألم، وسعدت كما سعد، ونحن نعرف أن الشاعر عندما يغرد فالوطن هو الذي يغرد، وعندما يكتب فالشعب هو الذي يكتب، وعندما يسجل ويؤرخ فالتاريخ هو الذي يسجل ويؤرخ، حقا إنّ الشاعر هو الناطق بلسان القبيلة والمعبر عن مشاعرها والحامل لهمومها ومتاعبها!
 
من هنا، فإن مذكرات فدوى في رحلتها الأصعب لم تأت كتحفة أدبية وقطعة فنية فحسب، بل جاءت كوثيقة تاريخية ينبلج الضوء من سطورها مسلطا على قضية شعب بأكمله.
 
لقد وردت مذكرات فدوى في سبعة وعشرين بندا، أو قل سبعة وعشرين مشهدا وموقفا إنسانيا، ابتداء من حرب حزيران ووقع الفضيحة على الأرض العربية، إلى إقامة جسر الزيارات مع شعراء وأدباء فلسطينيي الداخل، إلى ما خلفه الاحتلال من انقطاع التواصل الأدبي بين الضفة والدول العربية، إلى تصويرها لمشاهد مقاومة الاحتلال، مرورا برد فعلها الشعري على الأحداث التي مارسها الاحتلال، فاجتماعها بالرئيس جمال عبد الناصر، إلى رد فعل وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان على الزيارة، ثم تنتقل لتصف التواصل الذي حدث بين أبناء الضفة وغزة نتيجة الهزيمة، ثم قصيدتها إمام شباك التصاريح، إلى ردود فعل اليهود الغاضبة على هذه القصيدة وتبريرها المنطقي لها، ثم

الصفحات