كتاب " الاحتجاج بشعر امرئ القيس في النحو العربي " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب الاحتجاج بشعر امرئ القيس في النحو العربي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الاحتجاج بشعر امرئ القيس في النحو العربي
6.1 تعدد رواية الشواهد
1.6.1أسباب تعدد الرواية:
تعودُ أسبابُ التَّعدُّدِ في روايةِ الشَّاهدِ الواحدِ إِلى أسبابٍ عِدَّةٍ من أهمِّها:
أوَّلاً: الشَّاعرُ نفسُهُ: فمن الشُّعراءِ من كانَ يدعُ القصيدةَ تمكثُ حولاً كريتاً وهو ينقحُ ويمحصُ ويحذفُ ويزيدُ ويعرِضُ في الأسواقِ؛ حَتَّى تظهرَ القصيدةُ في أبهى حُلَّةٍ.
ثانياً: الرُّواةُ: جاءَ في الأغانيِّ: أنَّهُ " قد سُلِّطَ على الشِّعرِ من حمادٍ الرَّاويةِ ما أفسدَهُ"([28]) ، وجاءَ في مراتبِ النَّحويِّين حول َ خلفٍ الأحمرِ: أنَّهُ " كانَ به يُضْرَبُ المثلُ في عملِ الشِّعرِ"([29]).
ثالثاً: النُّحاةُ: كانَ لهم دورٌ واضحٌ وجليٌّ في تعدُّدِ الرِّوايةِ، فقد يُورِدُ النَّحويُّ شاهداً على مسألةٍ ما، ثُمَّ يُوردُهُ آخرُ بروايةٍ أخرى نصرةً لمذهبِهِ، وكتبُ النَّحوِ تعجُّ وتزخرُ بهذا.
رابعاً: اللُّغاتُ واللَّهجاتُ: فالخِلافُ شاسعٌ بينَ لهجةٍ وأخرى، ومن الأمثلةِ إعمالُ (ما) عملَ ليسَ: فالحجازيُّ يُعْمِلُ، والتَّميميُّ يُهْمِلُ.
خامساً: الإِعجام ُ والتَّصحيفُ: لأنَّ العربَ لمْ تعرفِ التَّنقيطَ في بادِئ الأمرِ.
2.6.1موقف العلماء والنحاة من تعدد الرواية:
تباينتْ مواقفُ النُّحاة بين محتجٍ بالتَّعدُدِ ورافضٍ، فأمَّا المحتجُّون وهم فوقَ الحصرِ، فلا يرون أَنَّ التَّعدُّدَ عيبٌ ولا قدحٌ في سلامةِ الشَّاهدِ، فيرى صاحبُ الخِزانة - البغداديُّ- أنَّ هذا التَّعدُّدَ "لا يوجبُ قدحاً ولا غضَّاً "([30]).
ومن العلماءِ الذين سبقوا البغداديَّ إلى هذا الرأي والموقفِ، ابنُ السَّيرافيِّ، والأَعلمُ الشَّنْتَمَرِيُّ، وابنُ ولاَّدةَ المصريُّ؛ الذين أكدوا عدمَ وجاهةِ الطَّعنِ في الاحتجاجِ بالبيتِ لِتعدُّدِ رِواياتِهِ([31]).
وكذلك عَدَّ اللُّغويُّون" الرِّواياتِ المتعدِّدةَ للشَّاهدِ الواحدِ رواياتٍ صحيحةً"([32])، وأضافَ أيضاً أحمدُ مختار عمر: " بل إنَّ اللُّغويِّين والنُّحاةَ قد صرَّحوا بأنَّ تعدُّدَ الرِّواياتِ في البيتِ الواحدِ لا يسقِطُ حجيَّتَها"([33]).
أمَّا الفريقُ الثَّاني: وهم العلماءُ والنُّّّحاةُ الذين يرون عدم حُجِّيَّةِ الأبياتِ والأشعارِ متعدِّدةِ الرِّوايةِ؛ لأنَّ تعدُّدَ الرِّوايةِ في نظرِهِم عيبٌ يُسْقِطُ الاحتجاجَ، فمن شروطِ الاحتجاجِ عندَهُم أن يكونَ البيتُ " غيرَ محتملٍ لوجوهٍ من الاحتمالاتِ، وإلاَّ بَطُلَ الاحتجاجُ به، فلا يكونُ فيه حُجَّةٌ"([34]).
مما تقدمَ نصلُ إلى نتيجةٍ مفادُها أنَّ عددَ العلماءِ والنُّّّّّّّّّّّحاةِ الذين يحتجون بالبيتِ متعدِّدِ الرِّوايةِ يفوقُ بكثيرٍ النَّزرَ اليسيرَ الذينَ يرَونَ خِلافَ ذلك، فبناءً على هذا نستطيعُ القولَ: إِنَّ تعدُّدَ الرِّوايةِ في البيتِ الواحدِ لا يعدُّ عيباً ولا نقصاً ولا مطعناً في الشَّاهدِ ما دامتْ هذهِ الرِّواياتُ المتعدِّدةُ قد خضعتْ لقيودِ الاحتجاجِ الآنفةِ الذِّكرِ.