أنت هنا

قراءة كتاب الخلفية الثقافية : للحكم التسلطي في المجتمعات العربية المعاصرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الخلفية الثقافية : للحكم التسلطي في المجتمعات العربية المعاصرة

الخلفية الثقافية : للحكم التسلطي في المجتمعات العربية المعاصرة

كتاب " الخلفية الثقافية : للحكم التسلطي في المجتمعات العربية المعاصرة " ، تأليف د. محمد السهر ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 10

المبحث الأول: مراجعة تاريخيةسريعة لتكون الدولة عند العرب
أولاً- العرب (المفهوم والكيان)

أن أقدم العبارات المكتوبة التي تشير إلى العرب جاءت لتصفهم بالجماعات البدوية أو شبه المستقرة التي واجهها الآشوريون في بادية بلاد الشام بين الفرات والعقبة وفي جهات دومة الجندل وتيماء، وذلك لوجودها على طرق التجارة أو لخطرها على الريف. ويلاحظ أن هذه النقوش الآشورية كانت بين القرن التاسع ونهاية القرن السابع قبل الميلاد، وتطلق على الجماعات المذكورة أسماء (عريبـي وعربـي وعربو وعربا) وتسمي أراضيهم بلاد العرب وعربايا.[10]وفي التوراة وردت كلمة عربـي وعرب لتشير بصورة خاصة إلى البدو وإلى البداوة، ولأن التوراة ظهرت في فلسطين فأن الأقوام الذين أشير إليهم في التوراة هم أولئك البدو الذين يسكنون بادية الشام في بعض فصول السنة.[11]وخلال الألف عام التي سبقت الإسلام فأن المصادر التاريخية لم تشر إلى العرب ككيان واضح المعالم وإنما هناك شذرات حرص الباحثون في التاريخ القديم على اتخاذها كدلائل على وجود عربـي ما، فهاهم يتخذون من كتابات آشورية كتبت في عهد شلمنصر الثالث في معركة تدعى قرقر في حدود منتصف القرن التاسع قبل الميلاد، حيث استطاع الآشوريون هزيمة قائد بدوي ومعه ألف جمل، يتخذون منها على أن الحضارات التي كانت عامرة في العراق والشام قد تعرفت على العرب الذين كانوا يسكنون الجزيرة، والذين كانوا لا يشيرون إليهم دون صفة البداوة التي تبدو أنها كانت ملازمة لهم حيث البيئة المجدبة الخالية من الأنهار منعت قيام حضارات مماثلة لما كان موجوداً في محيطها الإقليمي، مثلما كان الحال عليه في العراق والشام ومصر والحبشة واليمن.

لقد تم استخدام مصطلح (العرب) في الأزمان التي سبقت ظهور الإسلام للدلالة على الناس الذين سكنوا شبه الجزيرة العربية والصحراء السورية. ويبدو أن هذا المصطلح كان موجوداً أيضاً في المخطوطات الآشورية: ففي سنة 854 قبل الميلاد، التحق القائد العربي (جندبو) مع قوافله التي كانت تتألف من ألف بعير، ب (بير-أيديري) في منطقة أريبـي في دمشق (حيث لم يكن هذا سوى ابن خداد التوراتي الثاني) للمشاركة في القتال ضد شلمنصر الثالث في معركة كاركار. وفي هذا الظهور الأول للعرب، كان وجودهم مقروناً بوجود الإبل-ومن الواضح أنهم كانوا يرعون الإبل في الصحراء- وخلال القرون الثمانية والعشرين التالية، لم ينفك التلازم بين العرب والصحراء. إن التشبيه (كالعربـي الموجود في الصحراء) استخدم من قبل أرميا النبـي في سفر التكوين (3-2) في حوالي 600 قبل الميلاد، وقبل ذلك الوقت بمدة تتجاوز 100عام، أشار إسحاق في سفر التكوين (13: 20) إلى الشخص (العربـي) الذي هاجم خيمته.[12]

ولم تكن كلمات العرب والعربـي والعروبة واضحة ومشهورة عشية ظهور الإسلام بالشكل الذي يمكن ملاحظته في التراث الأدبـي الثر لسكان الجزيرة المتمثل بالشعر، الذي كانوا يتخذون منه منبراً لتغطية أخبارهم ومناسباتهم وعواطفهم من حب وكره وحقد وهجاء ووصف ومدح وذم وغيره، إذ لم يرد سوى بيت شعر وحيد قالهُ شاعر جاهلي في حدود القرن الخامس الميلادي أي قبل ظهور الإسلام بعدة عقود فيه إشارة واضحة لكلمة عربـي ذلك هو:[13]

هم المانعو البيت والذائدون

عن الحرمات جميع العرب

وأثناء الجدال الذي كان دائراً في مكة جراء ظهور نبـي في هاشم وهي فرع أصيل من قريش التي تُعًد بدورها من أكثر القبائل العربية أصالةً آنذاك، نجد في الحديث الذي يدور بين رجلين قرشيين أحدهما يدافع عن النبـي، هو العباس بن عبد المطلب والآخر غير مؤمن ويتوجس خيفة من انتشار الأفكار الجديدة التي جاء بها الدين الجديد، ذاك هو أبو الحكم، فيقول الثاني للأول بعد أن أعيته النصيحة له في ترك الدفاع عن النبـي الذي هو ابن أخيه، يقول لهُ (لنكتبن عليكم كتاباً أنكم أكذب العرب)[14]، وفي ذلك إشارة إلى أن كلمة العرب كانت متداولة إلى حد ما في الجزيرة وفي مكة على وجه الخصوص عشية ظهور الإسلام في بداية القرن السابع الميلادي.

وحتى مع ظهور الإسلام ووجود صريح لكلمة العربـي في القرآن الكريم، إلا أن الآيات الكريمة التي أشارت إلى أن القرآن نـزل بلسان عربـي مبين، وفي ذلك توضيح للغة التي نـزل بها القرآن والتي اتخذت من لهجة قريش لغةً له دون اللهجات العربية الأخرى، أن هذه الآيات لم تُشر إلى كيان أمة بأسم العرب، أو الأمة العربية، أو الأقوام العربية، أو القومية العربية وغيرها من المسميات التي تشير إلى وجود قومي على شكل كيان ودولة. وفي الحديث النبوي نجد أن النبـي محمد ‏ ‏صـلى الله عليه وسلم حينما يشير إلى العرب فأنهُ كان يقصد بهم سكان الحواضر والقرى في مكة ومحيطها وذلك لتميزهم عن سكان البوادي الذين تمت الإشارة إليهم بالأعراب.[15]ثم نجد الشاعر حسان بن ثابت يصف حال المدينة بعد تزايد الهجرة إليها نتيجة الانتصارات التي حققتها دولة الإسلام في كنف الرسول، وقد أصبح فيها أهلها (يثرب) الأصليون من الأوس والخزرج أقلية، نجد هذا الشاعر يشير لهؤلاء العرب الذين سكنوا مدينته بالأعاريب فيقول:

إن الأعاريب قد عزوا وقد كثروا

وابن الفريعة أضحى بيضة البلد[16]

وأيضاً يمكننا اعتماد مقولة أبو سفيان بعد إسلامه، مداعباً النبـي: "إن هو إلا تركتك فتركتك العرب، فما انتطحت جماء ولا ذات قرون"،[17]اعتمادها في أن مفردة العرب كانت متداولة بين السكان على مختلف مشاربهم.

الصفحات