أنت هنا

قراءة كتاب المسيحية المجردة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المسيحية المجردة

المسيحية المجردة

كتاب " المسيحية المجردة " ، تأليف سي. أس .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

تلك كانت دوافعي الوحيدة، على حدِّ علمي. ويسرُّني إلّا يستنتج الناس من سكوتي عن مسائل خلافيَّة معيَّنة استنتاجاتٍ وهميَّةً غريبة.

وهذا السكوت، مثلًا، لا يعني بالضرورة أنَّني واقفٌ على الحياد. أحيانًا أكون كذلك. فبين المسيحيِّين مسائلُ تحت البحث لا أظنُّ أنَّنا قد أُطلعنا على حلولها. وبعضٌ من تلك المسائل ربَّما لا أعرف الجواب عنها أبدًا. فإذا طرحتُها، ولو في عالمٍ أفضل، فلعلَّني (رغم كلِّ ما أعرفه) أتلقَّى الجواب الذي تلقَّاه مرَّةً سائلٌ أعظم منِّي بكثير: ‘‘ماذا لك؟ اتبعني أنت!’’ (يوحنَّا 21: 22). ولكنَّ ثمَّة مسائل لي منها موقفٌ محدَّد ومع ذلك أسكتُ عنها تمامًا. فأنا لا أكتب دفاعًا عن شيءٍ يمكنني أن أدعوه ‘‘ديانتي’’، بل أكتب لأشرح وأصون المسيحيَّة ‘‘المجرَّدة’’ التي هي ما هي عليه وما كانت عليه قبل ولادتي بزمانٍ طويل، سواءٌ أعجبتني أم لم تعجبني.

ولا تستطيع أيضًا أن تستنتج من سكوتي عن مَواطِن النزاع إمَّا أنَّني أعتبرها مهمَّة وإمَّا أنَّني أعتبرها عديمة الأهميَّة. فهذا الأمر في ذاته واحدٌ من مَواطِن الخلاف. إذ إنَّ واحدًا من الأُمور التي يختلف المسيحيُّون فيها هو أهميَّة خلافاتهم. فما يعتبره أحدهم قضية مهمة، قد يعتبره غيره قضية جوهرية جدًّا.

إنما كان الخطر بوضوح هو أن أقدِّم شيئًا على أنه مسيحيَّة عامة تقتصر خصوصيته على كنيسة إنكلترا أو على نفسي (وهذا أسوأ). وقد حاولتُ الاحتراس من ذلك بإرسال النصِّ المبدئيِّ لِما بات الآن كتابًا إلى أربعةٍ من رجال الدين (أنغليكانيَّ وميثوديّ ومَشيَخيّ وكاثوليكيّ) طالبًا إليهم إبداء ملاحظاتهم النقديَّة بشأنها. فكان رأي الميثوديِّ أنَّني لم أقُل ما فيه الكفاية عن الإيمان، فيما كان رأي الكاثوليكيِّ أنَّني قلَّلْتُ كثيرًا مِن الأهميَّة النسبيَّة للنظريَّات في تفسير موضوع الكفَّارة. وفي غير ذلك اتَّفقنا جميعًا نحن الخمسة.

وبقدْر ما يمكنني أن أستنتج من المراجعات ومن الرسائل التي تلقَّيتُها، فإنَّ الكتاب، مهما كان على شطط في نواحٍ أُخرى، وُفِّق فعلًا إلى عرض مسيحيَّة مُتَّفقٍ عليها، أو مشتركة، أو مركزيَّة، أو ‘‘مجرَّدة’’. ومن هذه الناحية ربَّما يكون على الأرجح نافعًا بعض الشيء في إفحام الرأي القائل بأنَّنا إن أسقطنا نقاط الخلاف فلا يبقى لدينا إلَّا جامعٌ مشترك غامضٌ وعديم الحياة. ويتبيَّن أنَّ هذا الجامع المشترك ليس فقط أمرًا ثابتًا بل هو دقيق وواضح أيضًا، تفصله عن جميع المعتقدات غير المسيحيَّة هوَّة أعظم بكثير من أسوأ الانقسامات داخل الدائرة المسيحيَّة. وإن لم أكن قد خدمتُ مباشرةً قضيَّة جمع الشمل، فربَّما أكون قد أوضحتُ دواعيَ وجوب اجتماع شملنا. ولا شكَّ أنَّني تلقَّيتُ بعض الاتِّهام بحيازة معتقداتٍ لاهوتيَّة مَعيبة مُلفَّقة من قِبَل أتباع مقتنعين ينتمون إلى انتماءاتٍ تختلف عنِ انتمائي. إلَّا أنَّ الخصومة جاءتني من أناس لم يحسموا انتماءهم، سواءٌ داخل كنيسة إنكلترا أم خارجها- أُناس لا يتبعون أيَّة جماعة على نحوٍ جليّ. ولي في هذا الواقع عزاءٌ غير مألوف. فكلُّ جماعة، في مركزها، حيث يوجد أبناؤها الأوفر إخلاصًا، هي بالحقيقة أقربُ ما يمكن إلى أيَّة جماعةٍ أُخرى، بالروح إن لم يكن بالعقيدة. وهذا الأمر يوحي أنَّ في مركز كلِّ جماعة شيئًا ما، أو شخصًا ما، يتكلَّم بالصوت نفسه رغم كلِّ انقسامٍ في المعتقدات وكلِّ فرقٍ في الحساسيَّات، وكلِّ ذكرى من ذكريات الاضطهاد المتبادل.

الصفحات