أنت هنا

قراءة كتاب المسيحية المجردة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المسيحية المجردة

المسيحية المجردة

كتاب " المسيحية المجردة " ، تأليف سي. أس .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

أكتفي بهذا القدْر من الحديث عمَّا أسقطتُه في ما يتعلَّق بالعقيدة. وفي الباب الثالث كذلك، وهو يتناول الأخلاق، جاوزتُ أيضًا بعض المسائل في صمت، إنَّما لسببٍ مختلف. فمنذ خدمتُ بصفة جنديِّ مشاة في الحرب العالميَّة الأولى، ما برح لديَّ مقتٌ شديد لأولئك الذين يُصدِرون الأوامر إلى خائضي الحرب في الجبهة الأماميَّة وهم أنفسهم ينعمون في الرفاهية والأمان. ومن جرَّاء ذلك أتردَّد في أن أقول الكثير عن تجارب لست معرَّضًا لها شخصيًّا. فما من إنسان، على ما أعتقد، يتعرَّض للتجربة من جميع الخطايا بالمقدار عينه. فالواقع مثلًا أنَّ الحافز الذي يدفع بعض الناس إلى المقامرة غيرُ موجود في تركيبتي. وعليه، فأنا دون شكّ أدفع ثمن ذلك بافتقاري إلى شيءٍ من الحفز الإيجابيّ في ما أراه مُجاوِزًا الحدَّ أو خروجًا عن سواء السبيل. ومن ثَمَّ لا أُحِسُّ نفسي مؤهَّلًا لتقديم مشورة بشأن المقامرة المسموح بها وتلك غيرِ المسموح بها، إن كان من مقامرة مسموح بها! لأنَّني لا أدَّعي أنَّني أعرف ذلك أيضًا. كذلك لم أقل أيَّ شيء أيضًا عن تحديد النسل. فلستُ امرأةً، ولا حتَّى رجُلًا متزوِّجًا، كما أنَّني لستُ رجل دين. ولم أحسب أَنَّ من حقي أن أقف موقفًا حازمًا من آلامٍ وأخطار وأثمان أنا في مأمنٍ منها، وليست لي وظيفة راعويَّة تضطرُّني إلى ذلك.

وأرجو ألَّا يحسب أيُّ قارئ أنَّ المسيحيَّة ‘‘المجرَّدة’’ معروضة هنا بديلًا من قوانين الإيمان لدى الكنائس الموجودة حاليًّا، كما لو كان في وسع المرء أن يعتنقها تفضيلًا لها على الكنائس ذات النظام الجمهوري أو الأرثوذكسيَّة الشرقيَّة أو غيرها. فإن قدرتُ أن أُحضِركَ إلى الرُّدهة، فقد نجحتُ في محاوَلتي. فما أشبه الأمر بردهةٍ تنفتح منها أبوابٌ تؤدِّي إلى بضع غُرف! ولكنْ في الغرف، لا في الردهة، مواقد ومقاعد وموائد. والردهة مكانٌ للانتظار- مكانٌ تُجرِّب منه مختلف الأبواب، لا مكانٌ تُقيم فيه. فلأجل غرض الإقامة، كما أعتقد، تُفضَّل حتّى الغُرفة الأسوأ (كائنًة ما كانت). صحيحٌ أنَّ بعض الناس قد يرون أنَّ عليهم الانتظار في الردهة وقتًا طويلًا، فيما آخرون يتأكَّدون في الحال أيَّ بابٍ ينبغي أن يقرعوا. ولستُ أدري لماذا هذا الاختلاف في الرأي، ولكنَّني على يقين بأنَّ الله لن يُبقيَ أحدًا منتظِرًا إلَّا إذا رأى الله تعالى أنَّ الانتظار خيرٌ له. وحين تدخل غرفتك، يتبيَّن لك أنَّ الانتظار الطويل آتاك شيئًا من الخير لم يكن ممكنًا أن تناله بغير ذلك. ولكنَّ عليك أن تعتبره انتظارًا، لا تخييمًا. إذ ينبغي لك أن تظلَّ عاكفًا على الصلاة طلبًا للنور، كما أنَّ عليك بالطبع، ولو كنتَ ما تزال في الردهة، أن تباشر محاولة إطاعة القوانين المشتركة في البيت كلِّه. وفوق كلِّ شيء، ينبغي لك أن تكون سائلًا أيُّ بابٍ هو البابُ الصحيح، لا ذاك الذي يُرضيك أكثر من سواه بطلائه أو كسائه. بصريح العبارة، لا ينبغي أبدًا أن يكون السؤال: ‘‘هل يروقني نوع تلك الخدمة؟’’ بل ‘‘أهذه العقائد سليمة؟ هل القداسة متوافرة هنا؟ هلِ يحرِّكني ضميري باتِّجاه هذا الباب؟ أيعود تردُّدي في قرعه إلى كبريائي، أو ذوقي الصِّرف، أو عدم استلطافي لهذا البوَّاب بعينه؟’’

وبعد أن تبلغ غرفتك الخاصَّة، عامِل باللطف أولئك الذين اختاروا أبوابًا مختلفة، وأولئك الذين ما زالوا في الردهة. وإن كانوا على خطأ، فهم يحتاجون بالأحرى إلى صلواتك. حتَّى لو كانوا أعداءك، فأنت مُوصى بأن تصلِّي لأجلهم. وهذا واحدٌ من القوانين المشتركة للبيت كلِّه!

الصفحات