You are here

قراءة كتاب التصميم - حقائق وفرضيات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التصميم - حقائق وفرضيات

التصميم - حقائق وفرضيات

التصميم لغة من لغات العصر الحديث، يتداولها الجميع عبر مفاهيم عدّة: فكريّة ومعرفيّة وبصرية وفنيّة، ولم يعد التصميم-وفق ذلك التصوّر-محصوراً في آليّات محدودة وجهات مختصّة، بل دخل في تركيب حركة الحياة ووعي الإنسان، وغدا ملمحاً من ملامح الشخصيّة البشريّة، وهي تد

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

إن الحركة المصممة في فضاء ما تعطي أثراً مباشراً على أية كتلة، وهنا لا بدّ أن نعي نوع الحركة وسعتها ومدياتها ومكانها، فعندما تكون الحركة في أجزاء طبيعية كالأشجار مثلاً والحركة الناتجة فيها والمرتبطة بحركة الرياح يعطينا كمصممين أثراً على أية كتلة نصممها تكون الأشجار فضاءها للتحرك· إن الطبيعة بشكل عام لها فروض واضحة وبينة على المصممين، وبالتالي فإن وعي ضغط الطبيعة وآثاره الفيزيائية أولاً يكون شرطاً ابتدائياً لكل مصمم، وبالإضافة إلى ذلك يكون الضغط الصناعي (البيئة المصنعة)، عاملاً إضافياً آخر يجب أن لا يهمله أي مصمم، وكذلك قد نلاحظ اجتماع البيئة الطبعية والمصنعة مرة واحدة لتحقق ضغطاً متساوياً ومتفاوتاً على أية كتلة·
الفضاء مرتبط بالزمن، وإن لكل زمن فضاءه، ولكل فضاء زمنه وهذا الزمن هو حساب الوقت المتحقق لأي ناتج يترشح من العمل التصميمي من ذلك الفضاء، نستنتج أن الزمن هنا يساوي الأثر الضوئي مضافاً إليه الأثر المكاني منقوصاً أو مزاداً في الأثر الحركي وعند هذا يكون الحاصل مزيج جملة الشروط التي أوردناها مجتمعة لا يجوز الفصل بينها غير أن ذلك قد لا ينطبق على التعامل في البعدين·
إن أي فضاء في البعدين قبل أن يتحقق الشكل التكويني يبقى شكلاً، وبمعنى آخر إن المساحة الورقية البيضاء والمحددة بالأبعاد طولاً وعرضاً نفترض أنها فضاء ولكنها شكل بالوقت نفسه ويتحول مدلولها إلى فضاء وآثار الفضاء مع ابتداء النقطة الأولى عليها، فحركة القلم في مساره الأول وتسلسل نقاطه يعطي ابتداءً العمل الفضائي لتلك المساحة، وهكذا فإن أي فضاء لا يكون فضاءً إلا بعد تواجد كتلة فيه مهما كان حجم كتلتها، وبالتالي تحدث العلاقة الترابطية بين تلك الكتلة والفضاء· إذن تبدو لنا هنا أهمية العلاقة بين الكتلة وفضائها وبين المساحة والأشكال التي عليها· إن الأبعاد طولاً وعرضاً وعمقاً لا تحقق ناتجاً علاقاتيا إن لم يكن هناك أشكال أو كتل وبها نضمن علاقة النسب والاتجاه، من هنا فإن الاتجاهات والأعماق تأخذ الأثر الزماني والمكاني والجمالي بتحريك الكتل والأشكال في البعدين ويكون الفضاء افتراضياً بل إن النقطة هي افتراض فيه بل إن مسار النقطة وظهور الخط؛ ومنه يكون الشكل افتراضاً لأن المنطق العلمي يقول إن ناتج الافتراض هو افتراض في أكثر الأحيان، إذن البعد والقرب هما افتراض أيضاً بل إنهما إيحاء أو ايهام بالكبير والصغير والقريب والبعيد، نستثني من ذلك التباين في الدرجة الضوئية والملمس لأن ذلك يقوم على أساس التفسير الفيزيائي، أما العمق والكبر والصغر في الأبعاد الثلاثة فيأخذ المعنى الحقيقي وليس الافتراضي، لكن ذلك لا يعني أن يكون هناك افتراض في الأبعاد الثلاثة والافتراض هنا محدد وتأطر محدوديته حقائق ثابتة·
إننا نتحدث عن الفضاء متجاوزين المعنى الأحادي المجرد له، وسنكون أمام الناتج المتحقق بين الكتل وفضائها والأشكال وفضائها وعلينا أن نبين أن كتلة واحدة تحقق أثراً محدداً ومدلولاً محدداً، وعندما تكون كتلتين منفردتين أو متباعدتين سيكون أثر آخر وحين تتعدد الكتل إلى ثلاث وسبع وعشرة وعشرين سيكون هناك أثر آخر بل إذا تناثرت الكتل في فضاء ما وبشكل متقارب وتفحص الإنسان ضمن القدرة التي يمتلكها بصرياً فسيكون الأثر غير الذي ذكرناه·
من الممكن أن نفترض نقطة في فضاء ذي بعدين إلى الحد الذي يمكن حساب جملة من القياسات مبنية على افتراض تلك النقطة ثم بالإمكان عرض نقطة أخرى وأخرى، وكذلك من السهولة تثبيتها افتراضياً، لكننا في الفضاء الحقيقي سيكون من الصعوبة فرض النقطة وتحديدها بل وتثبيتها لمقارنة ما يمكن تحقيقه في البعدين، وبذلك فإن التعامل الفضائي يعكس لنا أهمية القدرة التخيلية وقدرة تثبيت الصورة الذهنية ونقلها مادياً لتكون افتراضاً واقعاً مثبتاً لتحديد المكان المراد له أن تستقر فيه الهيئة التي حدد محيطها بجملة الافتراضات التي قيدت مكانها·
إن التحديد النقاطي أو المساري في حركة النقطة وخيال الحجم المزاح من الهواء الذي ستستقر في فراغه كتلة محددة تصميماً لتعقد عملية البناء التكويني بين الكتلة وفضائها أو الكتل وفضائها والفضاءات الناتجة من تفاعلها المكاني· وإضافة إلى ما تقدم فإن افتراض المحاور في البعدين تطابق مع ما ذكرناه من حالة افتراض النقطة، وإن افتراض المحاور عمودية كانت أم أفقية أم مائلة باتجاه ما في الأبعاد الثلاثة فانها أكثر صعوبة وشمولية في أثرها الناتج والمتخيل، وإن عملية الافتراض حالة ضرورية وليست استثنائية لأنها ستكون عاملاً من عوامل حساب الموازنة أو عدمها وبالتالي فإنها ركيزة أساسية ومهمة قدر أهمية ناتج الكتلة وأثرها المادي المتحقق وهكذا يجب أن لا ينفلت أي محور من المحاور عن المخيلة التصميمية وأن يتحقق السكون الذهني مع الصورة الذهنية المتطابقة مع اختبار الموقع المتخيل لأي محور من المحاور، وبذلك تتزن الهيئة أو لا تتزن وحسب النظام التصميمي الذي تم اختياره·
كل ذلك مرتبط بزمن وهذا الزمن متنوع في المدة قصراً وطولاً، فإنّ الإمساك عندما نمسك بالشيء مادياً يختلف عن مسكه بالصورة الذهنية وبالتالي فإن زمنه مختلف إضافة إلى زمن التعامل بين المحاور وما يتكون عليها من تصميم، وهنا لا بد أن نقول أننا لم ننته من موضوع الزمن كمؤثر فاعل في الناتج التصميمي بل تحدثنا عن جانب منه وسنضيف لاحقاً ما يعطينا الوضوح عن أثره الشامل·
وما دمنا نتحدث عن المؤثر الزمني فإننا لا بد أن نقول أن للضوء فاعلية كبرى على كل شيء في التصميم بل يمكننا القول إن التصميم هو الضوء كله، بين ما نفترضه من تعبير نحققه بصبغات وملمس في البعدين ونضيف عليها الحقيقة الكتلية في الأبعاد الثلاثة· يتغير هذا التأثير الشامل للضوء بكامل فاعليته وكميته وفي الأبعاد الثلاثة بفعل الزمن ويحقق عملية مسحية للكتلة بشموليتها، فضلاً عما يحققه من أثر يظهر تباينه خارج نقاط تماس الكتلة المصممة فهو أيضاً يحدث نوعاً من التباين الحاد والتدرجي على السطح الذي استقر عليه التصميم، وبذلك فإن ارتباطاً جديداً يبدأ بتأدية فعله الترابطي مع الكتلة، ذلك الأثر الذي تحقق مما نسميه ظلاً· والتباين الحاصل بين الضوء والظل والمتماس مع الكتلة يعطينا ربطاً لا يمكن إغفاله، لأن الظلال التي تحققت على الكتلة بأثره ستنقلنا وحدويتها مع الظل الناتج خارج الكتلة، حتى وإن اختلفت الألوان كصبغات أو خامات·
إن ما ذكرناه متغير على مدى زمنه في البيئة الطبيعية ولكنه قد يكون ثابتاً في بيئة الضوء الصناعي، فالزمن يكون فاعلاً أكثر في البيئة الطبيعية، وكذلك يمكننا أن نقول إن الظلال الناتجة في الأبعاد الثلاثة من كتلة على أخرى ومن أجزاء الكتلة الواحدة على نفسها يعطي أثراً متغيراً مع زمنه وحسب كمية الضوء الساقط عليه، ولا ننسى أن الضوء يحقق بعد سقوطه على أي جزء من الكتلة أو الكتل ما نسميه (ناتج انعكاس السطوح) وهذا أيضاً يعطي تأثيراً في الصورة النهائية والتي هي الأخرى مرتبطة بزمنها·
إن الضوء في الأبعاد الثلاثة يغير من شكل أي تصميم حيث أن التغيير يرتبط بمستوى نظر المتلقي وحركته ففي الأبعاد الثلاثة يمكن أن ترى صورة الكتلة من عدة أشخاص وتصل إليهم بأشكال مختلفة استناداً إلى مستوى النظر إليهم، فكتلة ما ينظر إليها واحد يكون مستوى نظره في وسطها وآخر تكون الكتلة فوق مستوى نظره وثالث تكون تحت مستوى نظره، فإن الناتج في الصورة لكل منهم يكون مختلفاً وهكذا، إن على المصمم أن يدرك تماماً مسارات حركة مسبقاً ليتمكن من تحقيق عملٍ تصميمي متكامل بفاعلية لأكبر قدر من المتحرك والثابت من حوله، ويجدر بنا أن لا ننسى الأثر الضوئي لتصميم شفاف في خاماته وآخر مزيج بين الشفاف وعكسه لأن الآثار التي ستنتج بفعل الضوء الساقط في الأول تختلف تماماً عن الثاني، وكذلك يجب تأشير الناتج الضوئي وتباينه لتباين السطوح التي يسقط عليها هذا بالإضافة الى أن هناك حالة الحركة المصممة والسكون، فإن الأثر الضوئي بفعل حركة التصميم سيكون مختلفاً عن الذي ذكرناه حيث إن الزمن هنا يقاس مرتين·

Pages