أنت هنا

قراءة كتاب قطار الحب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قطار الحب

قطار الحب

تشكل مجموعة الكاتب الليبي صلاح الحداد القصصية "قطار الحب" نموذجا اخر من عدة اعمال لمهاجرين عرب يصح ان تندرج على تفاوت جودتها واختلاف موضوعاتها تحت مظلة مشتركة تكمن في عنوان رواية الطيب صالح الشهيرة «موسم الهجرة الى الشمال».

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
-2-
 
كنتُ وحيدا أسير على الرصيف· هناك في محطة بلاك روك (BLACKROCK)(2) للقطارات، المؤدية إلى ذلك الميناء· كنتُ تائها غريبا، أقلب بصري نحو اللانهاية ؛ علَّ القطار يأتي·· علّ العذاب ينتهي·· علَّ الوعوعة ترعوي· أجرّ قَدمَيّ تحت وهج الشمس المشرقة· أهرب من كلاب خائنة، ومن ذئاب شرسة تحاصرني عيونها، ويدمّرني لهاثها، ويصعقني نباحها وعواؤها·
 
وبينما أنا كذلك، إذا بظل آنسة يغمرني· ظننتُ أن سحابة عابرة دثرتني· رفعت رأسي ؛ فرأيت ملاكا يتوهجني!· كانت فتاة فارعة هيفاء، ترتدي معطفا أسود، مع وشاح قرمزي يلف عنقها الناعم· كان شعرها الذهبي مختبئا تحت قبعة مطرزة بطراز حريري أبيض·
 
قلت في نفسي: أهذه هدية السماء إليّ ؟ يا له من يوم رائع إذن! حتما سأسير معكِ إلى النهاية، وسأذيب هاتيك الثلوج المتراكمة على قلبي·
 
صَعَدَتْ إلى القطار وصعدتُ أنا على إثرها· جلست عند المؤخرة، فجلستُ قبالتها· أحسستُ أن أول جبل جليدي بدا يتهاوى·· أن كرة جليدية تتهشم·· شعرتُ أن نفسي ورقة خريف تتهادى·· تتراقص بين شجيرات الكهرمان(3)·
 
وانطلق القطار، وأمواج البحر على الجانب الأيمن منا، تتلاطم كتلاطم نفسي مع العواء ومع النباح· كانت النوارس تغرّد فوق أشرعة المراكب ؛ مبتهجة بزرقة السماء، بينما كنت أنا أبحث عن طريقة ؛ أزفر فيها مع الصبح زفرات الحب الأولى·
 
خلعتْ معطفها ووشاحها وقبعتها، ثم طفقتْ تسرّح شعرَها· أطلقته على منكبيها مسترسلا·· اعتدلت في جلستها، وأخرجت كتيبا من حقيبتها البُنيّة، ثم شرعت تقلب صفحاته بأناملها الفضيّة· أما أنا فظللتُ حائرا بين زرقة البحر وزرقة عينيها اللامعتين·· بين صفاء الجو وبين صفاء وجهها القمري· تمنيتُ أن أغفو إغفاءة بين جفنيها، أن تطبق عليّ هناك في مقلتيها ؛ لأصير دمعة من دموعها· وددتُ أن التحف بشعرها الحريري الناعم·· أحببتُ أن أفترش صدرها وسادة سرمدية·· تمنيت لو كنتُ صفحة من صفحات كتابها ؛ كي تداعبني بأناملها الرفيعة الملساء·

الصفحات