أنت هنا

قراءة كتاب قطار الحب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قطار الحب

قطار الحب

تشكل مجموعة الكاتب الليبي صلاح الحداد القصصية "قطار الحب" نموذجا اخر من عدة اعمال لمهاجرين عرب يصح ان تندرج على تفاوت جودتها واختلاف موضوعاتها تحت مظلة مشتركة تكمن في عنوان رواية الطيب صالح الشهيرة «موسم الهجرة الى الشمال».

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
-2-
 
هرعت نتاشا إلى الطابق العلوي غاضبة، بعدما سمعت صراخهما· كانت منهمكة في تجهيز العَشاء في المطبخ· ورأت زوجها وهو يخرج حانقا من غرفة ابنتها· لقد كانت تكره عنجهيته منذ زمن، وبالأخص ضد ابنتها الوحيدة سمر· وكانت كثيرا ما تنهره على تصرفاته الخرقاء ؛ كتدخلاته السافرة في خروجها من البيت ومع من تخرج ومتى يحق لها أن تعود، وما نوع الثياب التي يجب أن ترتديها ونحو ذلك· كان الأمر يصل أحيانا إلى صراع وعراك بالأيدي، ينتهي باستدعاء الشرطة·
 
- ما الأمر ؟· قالت متسائلة باندهاش!
 
لكن فرج لم يجبها، وقد أشاح بوجهه عنها ونزل ؛ فاتجهتْ مباشرة إلى غرفة ابنتها، وقد وجدتها جالسة على سريرها، تقضم أناملها وهي تكاد تميّز من الغيظ· جلستْ بقربها وربَّتت على ظهرها، ثم أخذت تضمها إلى صدرها· وقالت وهي تنظر في عينيها الممتلئتين بالدموع:
 
- ماذا حصل يا حبيبتي·· ماذا حصل ؟
 
-إنه كعادته يا أماه، يحاول أن يملي عليَّ آراءه وشروطه وطريقة فهمه للحياة· لقد هددني بالذبح بالسكين هذه المرة، إذا ما استمررت في علاقتي مع صديق لي في الجامعة· وعندما واجهته هذه المرة، وبينتُ له موقفي بصراحة، أوشك أن يصفعني وينهال عليّ بكفه· وحينما دافعت عن نفسي باستدعاء الشرطة إذا ما تجرأ ومدَّ يده عليَّ، ثارت ثائرته وخرج· إنني يا أماه لم أعد أطيق دكتاتوريته هذه ولا حتى رؤية وجهه، فهو يتدخل في كل شيء من حياتي· لقد أصبح كابوسا مرعبا· إنه يجعل حياتي جحيما لا يُطاق· وأخذت تنشج في البكاء!
 
- لا عليك يا بُنيتي·· لا عليك· لا تكترثي له كثيرا· إنه كالقط المتنمر سرعان ما يخور! هنا بلد القانون، لا تخافي ولن يستطيع لمس شعرة واحدة منك· قالت وهي تمرر يدها على شعرها بلطف·
 
- لكن ماذا يا أماه لو صَدَق في تهديداته هذه، وذبحني كما تذبح الشاة· هل سينفع كلامك وتجدي طمأنتك هذه فتيلا ؟ إنني حقا خائفة·· يا إلهي، ربَّاه أين أنت ؟!
 
- كلا·· ليس إلى هذا الحد، فكما قلت لكِ فهو أعجز من أن يذبح دجاجة! أنا أعرفه جيدا، فقد عاشرته مدة تزيد على خمسة عشر عاما· هيا يا بنيتي، دعينا منه الآن وتعالي معي ؛ لنتناول العشاء معا·
 
وأخذتها معها إلى المطبخ بعد أن كفكفت لها دموعها· كان أبوها جالسا على الصوفا قبالة موقد النار، يحتسي شرابه المفضل وهو يتابع فيلم رعب على التلفاز· جلسا على طاولة الأكل، وشرعت نتاشا تتكلم مع زوجها:
 
- هل ترغب في تناول العشاء ؟
 
- كلا، لا حاجة لي الآن·
 
وبينما كانا يتناولان عشاءهما، رنّ جرسُ هاتف المنزل· ولم تنته الرنة الثالثة حتى التقط فرج السماعة:
 
- ألو، هل يمكن أن أتكلم مع سمر ؟ لقد بدا الصوت صوت شاب·
 
- مرحبا، هل لي أن أعرف مع من أتكلم ؟
 
- أنا صديقها سام·
 
- للأسف·· إنها ليست هنا! أجاب إجابة حاسمة لا تخلو من الغلظة·
 
- لو تفضلتَ مشكورا بإخبارها عن اتصالي هذا· وسوف أحاول الاتصال بها في وقت آخر· شكرا لك على أي حال· وقد بدت علائم الاستغراب على وجهه!
 
- إلى اللقاء· وأقفل السماعة وقد اشتعلت النيران في عينيه·

الصفحات