أنت هنا

قراءة كتاب قطار الحب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قطار الحب

قطار الحب

تشكل مجموعة الكاتب الليبي صلاح الحداد القصصية "قطار الحب" نموذجا اخر من عدة اعمال لمهاجرين عرب يصح ان تندرج على تفاوت جودتها واختلاف موضوعاتها تحت مظلة مشتركة تكمن في عنوان رواية الطيب صالح الشهيرة «موسم الهجرة الى الشمال».

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
-3-
 
لقد كانت سمر تعتقد أن المتصل هو سام، وكانت تتوقع أن أباها سيصرفه عنها· وما هي إلا بضع دقائق حتى رنّ جرس هاتفها الخلوي· نهضت من على الطاولة بسرعة وفتحت الخط تجيب:
 
- مرحبا سام، لقد اشتقتُ إليكَ!
 
- أين أنتِ حبيبتي، فقد اتصلتُ بكِ على رقم المنزل قبل قليل، لكنَّ أباكِ أبلغني أنك غير موجودة·
 
وهنا صدق حدسها وتوقعها، وشعرت بالأسف والاشمئزاز لمثل هذه التصرفات الرعناء، قائلة له:
 
- على أية حال، أنا في المنزل ولم أخرج منه البتة· كان أبوها يسترق السمع إليها على الجانب الآخر· ولم تشأ هي أن تراوغ سام في قول الحقيقة، فقد كانت صريحة إلى أبعد حد· كانت تملك وجها واحدا فقط، وهذا ما يزيد شخصيتها قوة وانبهارا· دهش سام من صراحتها هذه على الطرف الآخر، لكنه لم يرد الدخول أكثر في التفاصيل ؛ مفضلا دعوتها بقوله:
 
- هل يمكن أن تقبلي دعوتي للخروج إلى السينما· إنه فيلم رومانسي رائع، وأنا أعلم أنك تحبين الأفلام الرومانسية ؟ أرجوكِ لا تقولوا لي: لا!
 
- حسنا، إنه عرض مغرِ يا سام، وقد قبلتُ دعوتك· هل ستأتي لتأخذني ؟
 
- نعم، دقائق معدودة وأكون عندك·
 
أقفلت الخط وهي تكاد تطير من الفرح· أخبرت أمها التي تمنت لها وقتا ممتعا· وطارت هي مع سام على دراجته النارية إلى السينما غير عابئة بتهديدات أبيها· كانت ليلة السبت ؛ أي عطلة نهاية الأسبوع، وكانت الساعة وقتها تقترب من التاسعة ليلا، وهو الوقت الذي حدده لها أبوها في عدم الخروج بعده· وكان هذا من القوانين الصارمة، التي ضربها على ابنته سمر· لم يكن ثمة تفاهم وانسجام بينه وبين ابنته· كان قاسيا وحشيا معها، ولم يكن ثمة ما يتعاطاه سوى الأوامر والنواهي الصارمة· لقد كان مبتعدا عنها كليا منذ صغرها ناهيك عن المعاملة السيئة التي كانت تتلقاها، والتي تعكس بوضوح كرهه الشديد لها· كان مشغولا فقط بلعب القمار في البارات وبتناول الكحول جُلَّ وقته· وهكذا هي حياته، وهكذا اعتاد على أن يمضيها منذ سنوات قدومه إلى هنا ؛ أي بين أعماله الحرة وبين مقامراته وإدمانه على شرب الخمور· ومن المفارقات العجيبة أن هذا الوجه العابس الكالح في وجه ابنته، لم يكن إلا وجها ودودا بشوشا في وجه ابنه وليد· فقد كان له مطلق الحرية في تصرفاته، يقضي لياليه مع من يرغب من الفتيات حتى ساعات متأخرة، ويخرج متى شاء ومع من شاء ؛ لا بل يصل الأمر إلى أنه يجلب معه بين الحين والآخر فتاة من الفتيات، يداعبها وتداعبه· وهذا كله يحدث تحت سمع وبصر أبيه، الذي كان غير آبهٍ بتصرفات ابنه! وربما أن الشيء الذي يفسر هذا السلوك المزدوج في شخصيته، هو ثقافة المجتمع الذكوري، التي نشأ عليها هناك وتربى في أحضانها· فربُّ العائلة في المجتمع العربي عموما من الممكن له، أن يتغاضى عن السلوك الغرامي لأولاده الذكور، لكنه لا يتغاضى بتاتا ولن يتغاضى عن السلوك ذاته إذا جاء من واحدة من إحدى بناته، ويعده عارا وشنارا، تصل عقوبته إلى الموت· وهو السبيل الوحيد لغسل هذا العار ومحوه لا غير· هذا فضلا عن نظرة غالبيتهم إلى الحُب على أنه جريمة من الجرائم، التي لا تغتفر!

الصفحات