أنت هنا

قراءة كتاب قطار الحب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قطار الحب

قطار الحب

تشكل مجموعة الكاتب الليبي صلاح الحداد القصصية "قطار الحب" نموذجا اخر من عدة اعمال لمهاجرين عرب يصح ان تندرج على تفاوت جودتها واختلاف موضوعاتها تحت مظلة مشتركة تكمن في عنوان رواية الطيب صالح الشهيرة «موسم الهجرة الى الشمال».

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 3
-3-
 
وحتى لا أثير أية شبهة تجاهها، تذرعتُ بقراءة رواية (الخبز الحافي)(4)، كنت أحملها معي في حقيبتي، التي لا تفارقني، بينما ظللت أختلس النظر إليها· لم تكن - في الحقيقة - تهمني القراءة بقدر ما كان يهمني النظر إلى سحرها الفتان·
 
ثم قلت في نفسي: لِمَ لا أحاول أن أفتح معها بابا للحديث والحوار، فعسى أن يكون طريقا للولوج إلى عالمها الباطني· لِمَ لا أتوه كتيهان هذه النوارس·· لِمَ لا أمخر بحرها كما تمخر هذه السفن·· لِمَ لا أغوص في أعماقها كما تغوص هذه الأصداف· يا لي من جبان!·
 
فكرتُ فلجأت إلى فكرة سؤالها عن الوقت كم يكون الآن· أخفيتُ ساعتي، ثم خاطبتها قائلا:
 
- عفوا آنستي، كم الساعة الآن ؟
 
- إنها العاشرة والنصف·
 
- شكرا جزيلا لكِ!·
 
- مرحبا بكَ·
 
نطقتْ بهذه الكلمة الأخيرة مع ابتسامة كدتُ أخِرّ صريعا منها· ألاَ تبا لي ما أتعسني· آه لو ترددها مرة أخرى (مرحبا بك)، رقيقة·· عذبة·· ناعمة· في الحقيقة، لم أتعوّد أن أسمع مثل هذه الكلمة بمثل هذه الموسيقى الرومانسية، منذ زمن سحيق·
 
فكرت ثانية: كيف أصل إلى هذا الثغر المعطر· لقد كان حقا باقة ورد جميلة ؛ لا بل كيف أصل إلى البحر الأزرق في عينيها· كم تمنيتُ أن أسبح وأغرق فيه·· أن أموت وأدفن وأقبر فيه· عادت من جديد للقراءة·· وعدتُ أنا للتظاهر بالقراءة!· لكن هذا لا يكفي، لابد لي من أن أعيد الكرَّة من جديد بطريقة أخرى، تكون أكثر جاذبية· فخطر على بالي أن أسألها عن الطقس· أجل، فالأيرلنديون يحبون الحديث عنه، لا سيما عندما يكون صحوا كهذا اليوم!·تشجّعتُ ثانية مخاطبا إياها بأسلوب لبق جذاب:
 
- إنه يوم جميل، أليس كذلك ؟
 
رفعتْ رأسها مبتسمة:
 
- بلى، إنه حقا يوم جميل!
 
تابعتُ الحديث معها، حتى لا تنقطع الوصلة بيني وبينها كالمرة الأولى، قائلا:
 
- انظري إلى النوارس هناك وهي تترنم على أمواج البحر، أليس ذلك منظرا رائعا ؟
 
استرسلتْ معي في الحديث· لا أدري ربما نجحتُ في استدراجها· لقد وجَدَتْ عذوبة، هكذا كنتُ أعتقد· ثم أجابت:
 
- بلى، إنه منظر ساحر·
 
- بالمناسبة سيدتي، هل تحبين البحر ؟
 
- أجل، أحبه كثيرا·
 
- ما أجملُ شيء فيه برأيك ؟
 
- أجمل شيء فيه هو غموضه، فأنا غامضة مثله· هكذا ينعتنَنِي صويحباتي، ربما·
 
ثم ضحكت· زادتني هذه الضحكة دورانا، أحسستُ أن الأرض تمور بي مَوْرا·· شعرت أن القطار يتأهب للإقلاع نحو القمر·

الصفحات