إلياس حبيب فرحات شاعر من أبرز شعراء العرب في البرازيل، وأعرقهم في الشاعرية الحقة، فليس للعروض والقواعد والبلاغة شيء من الفضل في حياته الشعرية، وإنّما الفضل كله لطبيعته الموهوبة، ولاستعداده الفطري للشاعرية الصحيحة..
أنت هنا
قراءة كتاب إلياس فرحات شاعر العروبة في المهجر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
وفي سنة 1932 ظهر في البرازيل ديوان ثان لإلياس فرحات دعاه "ديوان فرحات" وهو في هذه المرة ديوان ضخم يقع في 287 صفحة من القطع الكبير، ويشتمل على عدد كبير من القصائد المتفرقة في الحب والألم، وفي الوصف والحنين، وفي الوطنية وفي الاجتماعيات، ويلاحظ الذي يطالع هذا الديوان: 1) قوة الشاعرية وجمالها في أغلب قصائده 2) طول النفس في عدد كبير منها 3) محافظة الشاعر في أغلب القصائد على القافية الواحدة، وفي رأيي أنَّ وحدة القافية في القصيدة الكاملة، على الرغم من أنّها أوقع في النفس، إلا أنّها تجني كثيراً على الشعر لأنها تضطره إلى التقيد بها والخضوع لأحكامها، ويندر جداً أن تسلم ذوات القافية الواحدة، عند سائر الشعراء، من بعض العيوب والمآخذ.
أمّا الصفات التي يصورها لنا شعر فرحات من صفات الشاعر وأخلاقه، فأولها وأجدرها بالذكر، شدة الإباء، بحيث لا تنال الشدائد والحرمان والفشل من إبائه.
أمّا الصفة الثانية التي تصورها قصائد "ديوان فرحات" من أخلاق الشاعر فهي صفة التمرد وتحدي المصاعب، وصفة ثالثة تبدو لنا على أشدها عنده، وهي حب الوطن، والألم الشديد لرؤيته ذليلاً خانعاً بين مناسر الأقوياء وأنيابهم. وهذه المزايا وغيرها نقرأها في عدد كبير من قصائد فرحات وسنفصل الحديث عليها في الفصول اللاحقة، وهو شديد الاعتزاز بشعره الوطنيّ؛ لأنّه يعلم أنَّ الأدب الحقّ هو الأدب الذي يستطيع أن يرفع عن الأمّة كابوس الذل، ويسمو بها إلى الحرية والمجد، وما عداه من فنون الأدب والشعر لا يرى فيها سوى حماقات يتسلى بها جماعات من الكسالى الذين يدعون ما يزخرفه لهم كسلهم "فناً وأدباً وشعراً".. وهو في هذا كله مصيب إلى حد بعيد، فالأمّة التي تعاني الذل في ديارها، وتعيش تحت عبودية الظالم القوي، حرام أنْ تتغنى في ذلها بما يخدر أعصابها، لتتجاهل النير الجاثم فوق أعناقها.