أنت هنا

قراءة كتاب إلياس فرحات شاعر العروبة في المهجر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إلياس فرحات شاعر العروبة في المهجر

إلياس فرحات شاعر العروبة في المهجر

إلياس حبيب فرحات شاعر من أبرز شعراء العرب في البرازيل، وأعرقهم في الشاعرية الحقة، فليس للعروض والقواعد والبلاغة شيء من الفضل في حياته الشعرية، وإنّما الفضل كله لطبيعته الموهوبة، ولاستعداده الفطري للشاعرية الصحيحة..

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 7
فرحات في الضيعة
 
ليس من السهل أن نعرف شيئاً عن طفولة فرحات وشبابه الأول، لولا أنَّ فرحات نفسه قد وضع في أيدينا صورة لتلك الأيام البعيدة في مذكراته التي لم يقدر لها الطبع بعد (1) وعلى صغر هذه المذكرات، فقد كتبت بروح خفيفة تميل إلى الدعابة والمرح، من البداية إلى النهاية، وقد انتهى من وضع هذه المذكرات في شهر كانون الأول عام 1947.
 
ونحن نختار مقتطفات من هذه المذكرات، مما يهمنا معرفته عن حياة الشاعر الأولى في الضيعة اللبنانية، نلخص بعضها حيناً ونقتبس بعضها حيناً آخر، مع المحافظة على إبراز روح الدعابة التي تشيع في المذكرات، والتي تقيم بيننا وبين الشاعر جسراً من الألفة والمحبة.
 
يتحدث الشاعر في البداية عن تاريخ مولده فيقول:
 
"كنت إلى الأسبوع الماضي أعتقد اعتقاداً ثابتاً أني من مواليد سنة 1893، ولكن حدث أن تسلمت منذ أيام إحدى المجلات التي تصدر في بيروت، وكان في الجزء الذي تسلمته فصل عني يقول فيه كاتبه أني ولدت سنة 1891، وبالطبع لا أستطيع أن أجادل هذا الكاتب، إذ لا سجل رسمي لدي، ولأنني لا أذكر هذا الحادث الأليم.
 
ومما لا ريب فيه أني ولدت في اليوم الثامن من شهر كانون الأول, في إحدى تينك السنتين، أظل على هذا اليقين حتى يقيض لي الله كاتباً آخر يزعم أني ولدت في شهر شباط مثلاً، أو شهر أيلول أو نيسان.
 
"في هذا اليوم/ يوم ميلادي السعيد، صرخت أول صرخة في وجه الظلم، وما أظن صرختي تلك كانت "موزونة مقفاة" كصرخاتي التي أرسلها اليوم..
 
"قلت إني ولدت في سنة 1893، ويقول الكاتب الذي ورد ذكره أني ولدت في سنة 1891، ولكن للحكومة البرازيلية رأياً ثالثاً في الموضوع، وهو ولا شك أني ولدت في الثامن من شهر كانون الأول سنة 1900 (ألف وتسعمئة فقط لاغير) وفي الأمر سرٌّ لا بد من إماطة اللثام عنه.
 
عندما تزوجت، أو عندما عزمت على الزواج، كنت أقطن في مدينة كوريتيبا، عاصمة ولاية برنا، وكانت العروس تقطن في بلدة ريو نيغرو، من تلك الولاية، ولما كان لا بد من تقديم أوراق هوية رسمية لإتمام معاملات الزواج المدني، ولم يكن لهذه الأوراق من أثر، وكانت خطيبتي وذووها يجهلون تاريخ ميلادي، فقد قدروا عمري آنذاك تقديراً يتفق ورغبة العروس طبعاً.. إذ زعموا أنه واحد وعشرون عاماً. وكان ذلك في منتصف عام 1921، وهكذا جاء عمري ناقصاً في رأيي سبع سنوات، وفي رأي الأديب "الدرويش تسعاً..".
 
أما مكان ولادته ففي ضيعة كفرشيما التي يصفها بقوله: "هي قرية تقع في الجنوب الشرقي من مدينة بيروت، عند طرف صحراء الشويفات الشمالي الشرقي، بين الحدث والشويفات ووادي شحرور، ينتهي عندها الساحل ويبتدئ الجبل.. وفي بيت متواضع من "حارة المجادين" على مقربة من محلة الرملية، ولد صاحب الترجمة".
 
وأهم ما يذكره الشاعر من طفولته "خفة دمه" وشدة حافظته.. "فكان إذا جاء النور إلى الساحة، فرقصوا وغنوا بلغتهم المخلوطة، ومضوا، دعاني الرجال إلى تقليدهم، فرقصت وغنيت بتلك اللغة بدون أن أفهم منها حرفاً، لكنني كنت أتقن التمثيل كأني "فرخ نوري".. ولا أزال أذكر من ذلك الغناء الجميل .."مقطعاً هو: آرم بارم شنادرما"..
 
وكسائر الأطفال في القرية ذهب فرحات إلى المدرسة ليتعلم القراءة عند أحد القسس، وكان دائماً في المقدمة، لأنَّ الدروس كانت تعتمد على الحفظ، وهو قوي الحافظة، ولذلك كان القسيس يكلفه بقراءة "الرسائل" في الكنيسة صباح الأحد، فكان يستعد عليها يوم السبت حتى يغيبها حرفياً، ثم يلقيها في اليوم التالي في الكنيسة "وهو مكنفش زهواً واعتزازاً..".

الصفحات