أنت هنا

قراءة كتاب المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر

المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر

واعلم أيها الناظر في كتابي أن مدار علم البيان على حاكم الذوق السليم الذي هو أنفع من ذوق التعليم وهذا الكتاب وإن كان فيما يلقيه إليك أستاذا وإذا سألت عما ينتفع به في فنه قيل لك هذا فإن الدربة والإدمان أجدى عليك نفعا وأهدى بصراً وسمعاً وهما يريانك الخبر عيانا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 2
المقدمة
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
نسأل الله ربنا أن يبلغ بنا من الحمد ما هو أهله وأن يعلمنا من البيان ما يقصر عنه مزية الفضل وأصله وحكمة الخطاب وفضله ونرغب إليه أن يوفقنا للصلاة على نبينا ومولانا محمد رسوله الذي هو أفصح من نطق بالضاد ونسخ هديه شريعة كل هاد وعلى آله وصحبه الذي منهم من سبق وبدر ومنهم من صابر وصبر ومنهم من آوى ونصر ‏.‏
 
وبعد فإن علم البيان لتأليف النظم والنثر بمنزلة أصول الفقه للأحكام وأدلة الأحكام وقد ألف الناس فيه كتبا وجلبوا ذهبا وحطبا وما من تأليف إلا وقد تصفحت شينه وسينه وعلمت غثه وسمينه فلم أجد ما ينتفع به في ذلك إلا كتاب الموازنة لأبي القاسم الحسن بن بشر الآمدي وكتاب سر الفصاحة لأبي محمد عبد الله بن سنان الخفاجي غير أن كتاب الموازنة أجمع أصولا وأجدى محصولا وكتاب سر الفصاحة وإن نبه فيه على نكت منيرة فإنه قد أكثر مما قل به مقدرا كتابه من ذكر الأصوات والحروف والكلام عليها ومن الكلام على اللفظة المفردة وصفاتها مما لاحاجة إلى أكثره ومن الكلام في مواضع شذ عنه الصواب فيها وسيرد بيان ذلك كله في مواضع من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى على أن كلا الكتابين قد أهملا من هذا العلم أبوابا ولربما ذكرا في بعض المواضع قشورا وتركا لبابا وكنت عثرت على ضروب كثيرة منه في وحمت حول حماه ولم أقع فيه إذ الغرض إنما هو الحصول على تعليم الكلم التي بها تنظم العقود وترصع وتخلب العقول فتخدع وذلك شيء تحيل عليه الخواطر لا تنطق به الدفاتر‏.‏
 
واعلم أيها الناظر في كتابي أن مدار علم البيان على حاكم الذوق السليم الذي هو أنفع من ذوق التعليم وهذا الكتاب وإن كان فيما يلقيه إليك أستاذا وإذا سألت عما ينتفع به في فنه قيل لك هذا فإن الدربة والإدمان أجدى عليك نفعا وأهدى بصراً وسمعاً وهما يريانك الخبر عيانا ويجعلان عسرك من القول إمكانا وكل جارحة منك قلبا ولسانا فخذ من هذا الكتاب ما أعطاك واستنبط بإدمانك ما أخطاك وما مثلي فيما مهدته لك من هذه الطريق إلا كمن طبع سيفا ووضعه في يمينك لتقاتل به وليس عليه أن يخلق لك قلبا فإن حمل النصال غير مباشرة القتال ‏.‏
 
وإنما يبلغ الإنسان غايته ما كل ماشية بالرحل شملال مقدمة الكتاب ولنرجع إلى ما نحن بصدده فنقول‏:‏ أما مقدمة الكتاب فإنها تشتمل على عشرة فصول‏:‏ القصل الأول في موضوع علم البيان موضوع كل علم‏:‏ هو الشيء الذي يسأل فيه عن أحواله التي تعرض لذاته فموضوع الفقه هو أفعال المكلفين والفقيه يسأل عن أحوالها التي تعرض لها‏:‏ من الفرض والنفل والحلال والحرام والندب والمباح وغير ذلك وموضوع الطب هو بدن الإنسان والطبيب يسأل عن أحواله التي تعرض له من صحته وسقمه وموضوع الحساب هو الأعداد والحاسب يسأل عن أحوالها التي تعرض لها من الضرب والقسمة والنسبة وغير ذلك وموضوع النحو هو الألفاظ والمعاني والنحوي يسأل عن أحوالهما في الدلالة من جهة الأوضاع اللغوية وكذلك يجري الحكم في كل علم من العلوم وبهذا الضابط انفرد كل علم برأسه ولم يختلط بغيره وعلى هذا فموضوع علم البيان هو الفصاحة والبلاغة وصاحبه يسأل عن أحوالهما اللفظية والمعنوية وهو والنحوي يشتركان في أن النحوي ينظر في دلالة الألفاظ على المعاني من الوضع اللغوي و تلك دلالة عامة و صاحب علم البيان ينظر في فضيلة تلك الدلالة و هي دلالة خاصة و المراد بها أن يكون على هيئة مخصومة من الحسن و ذلك أمر وراء النحو و الأعراب ألا ترى أن النحوي يفهم معنى الكلام المنظوم و المنثور و يعلم مواقع إعرابه و مع ذلك فإنه لا يفهم ما فيه من الفصاحة و البلاغة و من ههنا غلط مفسر الأشعار في اقتصارهم على شرح المعنى و فيها من الكلمات اللغوية و تبين مواضع الإعراب منها دون شرح ما تضمنه من أسرار الفصاحة و البلاغة‏.‏

الصفحات