أنت هنا

قراءة كتاب المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر

المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر

واعلم أيها الناظر في كتابي أن مدار علم البيان على حاكم الذوق السليم الذي هو أنفع من ذوق التعليم وهذا الكتاب وإن كان فيما يلقيه إليك أستاذا وإذا سألت عما ينتفع به في فنه قيل لك هذا فإن الدربة والإدمان أجدى عليك نفعا وأهدى بصراً وسمعاً وهما يريانك الخبر عيانا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 8
ألا ترى أن أبا نواس كان معدودا في طبقات العلماء مع تقدمه في طبقات الشعراء وقد غلط فيما لا يغلط مثله فيه فقال في صفة الخمر‏:‏ كأن صغرى وكبرى من فواقعها حصباء در على أرض من الذهب وهذا لا يخفى على مثل أبي نواس فإنه من ظواهر علم العربية وليس من غوامضه في شيء لأنه أمر نقلي يحمل ناقله فيه على النقل من غير تصرف وقول أبي نواس ‏"‏ صغرى وكبرى ‏"‏ غير جائز فإن فعلى أفعل لا يجوز حذف الألف واللام منها وإنما يجوز حذفها من فعلى التي لا أفعل لها نحو حبلى إلا أن تكون فعلى أفعل مضافة وههنا قد عريت عن الإضافة وعن الألف واللام فانظر كيف وقع أبو نواس في مثل هذا الموضع مع قربه وسهولته وقد غلط أبو تمام في قوله‏:‏ بالقائم الثامن المستخلف اطأدت قواعد الملك ممتدا لها الطول ألا ترى أنه قال‏:‏ اطأدت والصواب اتطدت لأن التاء تبدل من الواو في موضعين‏:‏ أحدهما مقيس عليه كهذا الموضع لأنك إذا بينت افتعل من الوعد قلت‏:‏ اتعد ومثله ما ورد في هذا البيت فإنه من وطد يطد كما يقال‏:‏ وعد يعد فإذا بني منه افتعل قيل‏:‏ اتطد ولا يقال اطأد وأما غير المقيس فقولهم في وجاه‏:‏ تجاه وقالوا‏:‏ تكلان وأصله الواو لأنه من وكل يكل فأبدلت الواو تاء للاستحسان فهذه الأمثلة قد أشرت إليها ليعلم مكان الفائدة في أمثالها وتتوقى‏.‏
 
على أني لم أجد أحدا من الشعراء المفلقين سلم من مثل ذلك فإما أن يكون لحن لحنا يدل على جهله مواقع الإعراب وإما أن يكون أخطأ في تصريف الكلمة ولا أعني بالشعراء من هو قريب عهد بزماننا بل أعني بالشعراء من تقدم زمانه كالمتنبي ومن كان قبله كالبحتري ومن تقدمه كأبي تمام ومن سبقه كأبي نواس والمعصوم من عصمه الله تعالى‏.‏
 
على أن المخطئ في التصريف أندر وقوعا من المخطئ في النحو لأنه قلما يقع له كلمة يحتاج في استعمالها إلى الإبدال والنقل في حروفها وأما النحو فإنه يقع الخطأ فيه كثيرا حتى إنه ليشذ في ظاهره في بعض الأحوال فكيف خافيه كقول أبي نواس في الأمين محمد رحمه الله‏:‏ يا خير من كان ومن يكون إلا النبي الطاهر الميمون فرفع في الاستثناء من الموجب وهذا من ظواهر النحو وليس من خافيه في شيء وكذلك قال أبو الطيب المتنبي‏:‏ أرأيت همة ناقتي في ناقة نقلت يدا سرحا وخفا مجمرا تركت دخان الرمث في أوطانها طلبا لقومٍ يوقدون العنبرا وتكرمت ركباتها عن مبركٍ تقعان فيه وليس مسكاً أذفرا فجمع في حال التثنية لأن الناقة ليس لها إلا ركبتان فقال‏:‏ ركبات وهذا من أظهر ظواهر النحو وقد خفي على مثل المتنبي‏.‏

الصفحات