أنت هنا

قراءة كتاب المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر

المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر

واعلم أيها الناظر في كتابي أن مدار علم البيان على حاكم الذوق السليم الذي هو أنفع من ذوق التعليم وهذا الكتاب وإن كان فيما يلقيه إليك أستاذا وإذا سألت عما ينتفع به في فنه قيل لك هذا فإن الدربة والإدمان أجدى عليك نفعا وأهدى بصراً وسمعاً وهما يريانك الخبر عيانا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 7
وإنما قلت‏:‏ إن النحوي إذا سئل عن تصغير لفظة اضطراب يقول‏:‏ ضطيرب لأنه لا يخلو إما أن يحذف من لفظة اضطراب الألف أو الضاد أو الطاء أو الراء أو الباء وهذه الحروف المذكورة غير الألف ليست من حروف الزيادة فلا تحذف بل الأولى أن يحذف الحرف الزائد ويترك الحرف الذي ليس بزائد فلذلك قلنا‏:‏ إن النحوي يصغر لفظة اضطراب على ضطيرب فيحذف الألف التي هي حرف زائد دون غيرهما مما ليس من حروف الزيادة وأما أن يعلم أن الطاء في اضطراب مبدلة من تاء وأنه إذا أريد تصغيرها تعاد إلى الأصل الذي كانت عليه وهو التاء فيقال‏:‏ ضتيرب فإن هذا لا يعلمه إلا التصريفي وتكليف النحوي الجاهل بعلم التصريف معرفة ذلك كتكليفه علم ما لا يعلمه فثبت بما ذكرناه أنه يحتاج إلى علم التصريف لئلا يغلط في مثل هذا‏.‏
 
ومن العجب أن يقال‏:‏ إنه لا يحتاج إلى معرفة التصريف ألم تعلم أن نافع ابن أبي نعيم وهو من أكبر القراء السبعة قدرا وأفخمهم شأنا قال في معايش‏:‏ معائش بالهمز ولم يعلم الأصل في ذلك فأوخذ عليه وعيب من أجله ومن جملة ما عابه أبو عثمان المازني فقال في كتابه في التصريف‏:‏ إن نافعا لم يدر ما العربية وكثيرا ما يقع أولو العلم في مثل هذه المواضع فكيف الجهال الذين لا معرفة لهم بها ولا اطلاع لهم عليها وإذا علم حقيقة الأمر في ذلك لم يغلط فيما يوجب قدحا ولا طعنا وهذه لفظة معايش لا يجوز همزها بإجماع من علماء العربية لأن الياء فيها ليست مبدلة من همزة وإنما الياء التي تبد ل من الهمزة في هذا الموضع تكون بعد ألف الجمع المانع من الصرف ويكون بعدها حرف واحد ولا تكون عينا نحو سفائن وفي هذا الموضع غلط نافع رحمة الله عليه لأنه لا شك اعتقد أن معيشة بوزن فعيلة وجمع فعيلة هو على فعائل ولم ينظر إلى أن الأصل في معيشة معيشة على وزن مفعلة وذلك لأن أصل هذه الكلمة من عاش التي أصلها عيش على وزن فعل ويلزم مضارع فعل المعتل العين يفعل لتصح الياء نحو يعيش ثم تنقل حركة العين إلى الفاء فتصير يعيش ثم يبني من يعيش مفعول فيقال‏:‏ معيوش به كما يقال‏:‏ مسيور به ثم يخفف ذلك بحذف الواو فيقال‏:‏ معيش به كما يقال مسير به ثم تؤنث هذه اللفظة فتصير معيشة‏.‏
 
ومع هذا فلا ينبغي لصاحب هذه الصناعة من النظم والنثر أن يهمل من علم العربية ما يخفى عليه بإهماله اللحن الخفي فإن اللحن الظاهر قد كثرت مفاوضات الناس فيه حتى صار يعلمه غير النحوي ولا شك أن قلة المبالاة بالأمر واستشعار القدرة عليه توقع صاحبه فيما لا يشعر أنه وقع فيه فيجهل بما يكون عالما به‏.‏

الصفحات