أنت هنا

قراءة كتاب المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر

المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر

واعلم أيها الناظر في كتابي أن مدار علم البيان على حاكم الذوق السليم الذي هو أنفع من ذوق التعليم وهذا الكتاب وإن كان فيما يلقيه إليك أستاذا وإذا سألت عما ينتفع به في فنه قيل لك هذا فإن الدربة والإدمان أجدى عليك نفعا وأهدى بصراً وسمعاً وهما يريانك الخبر عيانا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 6
فردوه فقال له‏:‏ اصنع ما كنت نهيتك عنه فوضع شيئا‏.‏
 
ثم جاء بعده ميمون الأقران فزاد عليه ثم جاء بعده عنبسة بن معدان المهري فزاد عليه ثم جاء بعده عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي وأبو عمرو بن العلاء فزادا عليه ثم جاء بعدهما الخليل بن أحمد الأزدي وتتابع الناس واختلف البصريون والكوفيون في بعض ذلك‏.‏
 
فهذا ما بلغني من أمر النحو في أول وضعه وكذلك العلوم كلها‏:‏ يوضع منها في مبادي أمرها شيء يسير ثم يزاد بالتدريج إلى أن يستكمل آخرا‏.‏
 
فإن قيل‏:‏ أما علم النحو فمسلم إليك أنه تجب معرفته لكن التصريف لا حاجة إليه لأن التصريف إنما هو معرفة أصل الكلمة وزيادتها وحذفها وإبدالها وهذا لا يضر جهله ولا تنفع معرفته ولنضرب لذلك مثالا كيف اتفق فنقول‏:‏ إذا قال القائل‏:‏ رأيت سرداحاً لا يلزمه أن يعرف الألف في هذه الكلمة زائدة هي أم أصلية لأن العرب لم تنطق بها إلا كذلك ولو قالت سردحاً بغير ألف لما جاز لأحد أن يزيد الألف فيها من عنده فيقول سرداحاً فعلم بهذا أنه إنما ينطق الألفاظ كما سمعت عن العرب من غير زيادة فيها ولا نقص وليس يلزم بعد ذلك أن يعلم أصلها ولا زيادتها لأن ذلك أمر خارج تقتضيه صناعة تأليف الكلام‏.‏
 
فالجواب عن ذلك أنا نقول‏:‏ اعلم أنا لم نجعل معرفة التصريف كمعرفة النحو لأن الكاتب أوالشاعر إذا كان عارفاً بالمعاني مختاراً لها قادراً على الألفاظ مجيدا فيها ولم يكن عارفاً بعلم النحو فإنه يفسد ما يصوغه من الكلام ويختل عليه ما يقصده من المعاني كما أريناك في ذلك المثال المتقدم وأما التصريف فإنه إذا لم يكن عارفاً به لم تفسد عليه معاني كلامه وإنما تفسد عليه الأوضاع وإن كانت المعاني صحيحة وسيأتي بيان ذلك في تحرير الجواب فنقول‏:‏ أما قولك إن التصريف لا حاجة إليه واستدلالك بما ذكرته من المثال المضروب فإن ذلك لا يستمر لك الكلام فيه ألا ترى أنك مثلت كلامك في لفظة سرداح وقلت‏:‏ إنه لا يحتاج إلى معرفة الألف زائدة هي أم أصلية لأنها إنما نقلت عن العرب على ما هي عليه من غير زيادة ولا نقص وهذا لا يطرد إلا فيما هذا سبيله من نقل الألفاظ على هيئتها من غير تصرف فيها بحال فأما إذا أريد تصغيرها أو جمعها والنسبة إليها فإنه إذا لم يعرف الأصل في حروف الكلمة وزيادتها وحذفها وإبدالها يضل حينئذ عن السبيل وينشأ من ذلك مجال للعائب والطاعن ألا ترى أنه إذا قيل للنحوي وكان جاهلا بعلم التصريف كيف تصغير لفظة اضطراب فإنه يقول‏:‏ ضطيرب ولا يلام على جهله بذلك لأن الذي تقتضيه صناعة النحو قد أتى به وذلك أن النحاة يقولون‏:‏ إذا كانت الكلمة على خمسة أحرف وفيها حرف زائد أو لم يكن حذفته نحو قولهم في منطلق‏:‏ مطيلق وفي جحمرش‏:‏ جحيمر فلفظة منطلق على خمسة أحرف وفيها حرفان زائدان هما الميم والنون إلا أن الميم زيدت فيها لمعنى فلذلك لم تحذف وحذفت النون وأما لفظة جحمرش فخماسية لا زيادة فيها وحذف منها حرف أيضا ولم يعلم النحوي أن علماء النحو إنما قالوا ذلك مهملا اتكالا منهم على تحقيقه من علم الصرف لأنه لا يلزمهم أن يقولوا في كتب النحو أكثر مما قالوا وليس عليهم أن يذكروا في باب من أبواب النحو شيئا من التصريف لأن كلا من النحو والتصريف علم منفرد برأسه غير أن أحدهما مرتبط بالآخر ومحتاج إليه‏.‏

الصفحات