كتاب "أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة"؛ الصادر عن مكتبة "وهبة للنشر والتوزيع"؛ يقول الإمام القرضاوي في مقدمته:
أنت هنا
قراءة كتاب أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة
الصفحة رقم: 4
مهمة الحركة تجديد الإسلام
ما هي مهمة الحركة الإسلامية ؟
إن الحركة الإسلامية إنما قامت لتجديد الإسلام والعودة به إلى قيادة الحياة من جديد ، بعد إزالة العقبات من الطريق .
و تجديد الإسلامليس تعبيراً من عندي . إنه تعبير نبوي نطق به الحديث الذي رواه أبو داود والحاكم بإسناد صحيح عن أبي هريرة أن النبي * قال : إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يُجَدِّد لها دينها.
ولقد كان اتجاه أغلب شُرَّاح هذا الحديث إلى أن كلمة مَنفيه تعنى فرداًواحدا معيَّناً يقوم بتجديد الدين ، وحاولوا بالفعل تعيينه في الغالب من العلماء والأئـمـة الأعـلام ممـن تكـون وفاتـه قريـبـة مـن رأس قـرن مـضـى ، مثل عمر ابن عبدالعزيز في القرن الأول (ت : 105هـ) والشافعي في القرن الثاني (ت : 204هـ) ثم اختلفوا كثيراً في مجدد المائة الثالثة . . . وهكذا . . .
بَيْدَ أن بعضهم نظر إلى أن مَنفي الحديث تصلح للجمع كما تصلح للفرد ، فيجوز أن يكون المجدد جماعة لا واحدا . وهذا ما رجَّحه ابن الأثير في كتابه الجامع للأصولوالحافظ الذهبي وغيرهما . . .
وأزيد على هذا أمراً آخر فأقول : ليس من الضروري أن يكون المُجَدِّد جماعة بمعنى عدد من الأفراد هم فلان وفلان وفلان … بل جماعة بمعنى مدرسة وحركة فكرية وعملية تقوم بتجديد الدين متضامنة .
وهذا ما أرجِّحه في فهم هذا الحديث الشريف(3)، وتطبيقه على قرننا هذا الذي ودعناه لنسقبل قرناً جديداً ، نسأل الله أن يجعل يومنا فيه خيراً من أمسنا ، وغدنا خيراً من يومنا .
بماذا يكون التجديد ؟
والتجديد الذي يجب أن تقوم به الحركة الإسلامية ينبغي أن يتجسد في ثلاثة أمور :
الأول : تكوين طليعة إسلامية ، قادرة ـ بالتكامل والتعاون ـ على قيادة المجتمع المعاصر بالإسلام ، دون تقوقع ولا تحلل ، وعلى علاج أدواء المسلمين من صيدلية الإسلام نفسه ، طليعة يجمع بين أفرادها: الإيمان العميق ، والفقه الدقيق ، والترابط الوثيق .
والثاني : تكوين رأي عام إسلامي يمثل القاعدة الجماهيرية العريضة التي تقف وراء الدعاة إلى الإسلام ، تحبهم وتساندهم ، وتشد أزرهم ، بعد أن وعت مجمل أهدافهم ، ووثقت بإخلاصهم وقدرتهم ، ونفضت عنها غبار التشويش والتشويه للإسلام ورجاله وحركاته .
والثالث : تهيئة مناخ عام عالَمي كذلك يتقبل وجود الأمة الإسلامية ، حين يتفهم حقيقة الرسالة الإسلامية ، والحضارة الإسلامية ، ويحرر من العُقَد الخبيثة ، التي تركها تعصب القرون الوسطى ، في أعماق نفسه ، ومن الأباطيل التي خلَّفها الكذب والتشويه في أم رأسه ، رأي عام يفسح صدره لظهور القوة الإسلامية بجوار القوى العالمية الأخرى ، مدركاً أن من حق المسلمين أن يحكموا أنفسهم وفق عقيدتهم ، باعتبارهم أغلبية في بلادهم ، كما تنادي بذلك مبادئهم الديمقراطية الحية التي يتغنون بها ، وأن من حقهم أن يدعوا إلى رسالتهم الإنسانية العالَمية ، باعتبارها إحدى الأيديولوجيات الكبرى في العالم التي لها ماض وحاضر ومستقبل ، ويدين بها أكثر من ألف مليون في دنيانا التي نعيش فيها .