كتاب "أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة"؛ الصادر عن مكتبة "وهبة للنشر والتوزيع"؛ يقول الإمام القرضاوي في مقدمته:
أنت هنا
قراءة كتاب أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة
الصفحة رقم: 7
الحركة الإسلامية في مجال الفكر والعلم
حاجتنا إلى فقه جديد .
أنواع الفقه الذي ننشده .
فقه الموازنات .
فقه الأولويات .
الحركة فـي مجالها الفكري والعلمي
إن المجال الأول في رأيي هو مجال الفكر ، فهو الأساس للبناء الدَعوي والبناء التربوي .
الذي يبدو لي أن أزمتنا الأولى أزمة فكرية ، هناك خلل واضح في فهم كثيرين للإسلام ، وقصور واضح في الوعي بتعاليمه ، ومراتبها ، وأيها الأهم وأيها المهم ، وأيها غير المهم .
هناك عجز في المعرفة بالحاضر المعيش ، والواقع المعاصر .
هناك جهل بالآخرين ، نقع فيه بين التهويل والتهوين . . مع أن الآخرين يعرفون عنا كل شيء ، وقد كشفونا حتى النخاع !
بل هناك جهل بأنفسنا ، فنحن إلى اليوم لا نعرف حقيقة مواطن القوة فيـنـا ، ولا نقاط الضعف لدينا ، وكثيرا ما نُضَخِّم الشيء الهَيِّن ، وما نُهَوِّن الشيء العظيم ، سواء في إمكاناتنا ، أم في عيوبنا .
وهذا الجهل لا يقتصر على الجماهير المسلمة ، بل يشمل الطليعة المرجَّوة لنصرة الإسلام ، والتي تمثل الركائز التي يقوم عليها العمل الإسلامي المنشود .
حاجتنا إلى فقه جديد
الحق أننا في حاجة إلى فقه جديد ، نستحق به أن نكون ممن وصفهم الله بأنهم قوم يفقهون.
فليس مرادنا بالفقه : العلم المعروف الذي اصطلح على تسميته فقهاًوالذي يعني : معرفة الأحكام الشرعية الجزئية من أدلتها التفصيلية ، من مثل أحكام الطهارة والنجاسة والعبادات والمعاملات وأحكام الزواج والطلاق والرضاع وغيرها . . .
فهذا العلم ـ على أهميته ـ ليس هو مرادنا بالفقه ، وليس هو المراد بكلمة الفقهحيث ورد في القرآن والحديث ، وإنما هي مما بُدِّل من الأسامي والمفاهيم ، كما بَيَّنَ ذلك الإمام الغزالي في كتاب العلممن موسوعته المعروفة إحياء علوم الدين.
إن القرآن ذكر مادة ف ق هـفي سوره المكية قبل أن تنزل الأوامر والنواهي التشريعية التفصيلية ، وقبل أن تُفَرض الفرائض ، وتُحَد الحدود ، وتُفَصَّل الأحكام .
اقرأ قوله تعالى في سورة الأنعام ـ وهى مكية :(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ)(الأنعام:65)
واقرأ في السورة نفسها :(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ)(الأنعام:98).
والفقه في الآيتين معناه : المعرفة البصيرة بسُنَن الله في الأنفس والآفاق وسُنَن الله في خلقه ، وعقوباته لمن انحرف عن صراطه .
واقرأ في سورة الأعراف ـ وهي مكية ـ قوله تعالى في ذم قوم جعلهم حطب جهنم فكان من وصفه لهم بأنهم
ثـم قـال عنـهـم :(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)(الأعراف:179) .