أنت هنا

قراءة كتاب أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة

أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة

كتاب "أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة"؛ الصادر عن مكتبة "وهبة للنشر والتوزيع"؛ يقول الإمام القرضاوي في مقدمته:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

واقرأ في أكثر من سورة موقف المشركين من القرآن ، وقد عبَّر الله عنه بقوله :(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ۖ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا ۚ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ)(الأنعام:25) و(وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا)(الإسراء:46) و(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا)(الكهف:57) .
أما في القرآن المدني فقد تكررت المادة في عدد من السور كلها تنفي الفقهعن المشركين والمنافقين .
ففي سورة الأنفال يخاطب الله رسوله والمؤمنين بقوله : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ)(الأنفال:65).
فنفي الفقه عن المشركين المحاربين هنا ، يراد به الفقه في سُنَن الله في النصر والهزيمة ، ومداولة الأيام بين الناس .
وفي سورة التوبة ذَمَّ الله المنافقين بقوله :(رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ)(التوبة:87).
فالفقه المنفي هنا هو الفقه في ضرورة الجهاد والبذل لحماية الدين والنفس والعِرض ، وكيان الجماعة ، وأنه مقدَّم على أية مصلحة فردية عاجلة أخرى .
وفي نفس السورة وصف لهذا الصنف بقوله تعالى :(وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا ۚ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ )(التوبة:127).
فقد غاب عن هؤلاء المطموسين أن الله يراهم قبل رؤية الناس ، ولكنهم فقدوا الفقه والفهم حقًّا .
وفي سورة الحشر يتحدث عن المنافقين مخاطباً المؤمنين :(لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ)(الحشر:13).
وفي سورة المنافقين قال تعالى : (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ)(المنافقون:3).
وفي السورة نفسها : (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنْفَضُّوا ۗ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ)(المنافقون:7).
وبهذا كان لأهل النفاق حصَّة الأسد من هذا الوصف القرآني بأنهم لا يفقهون.
ذلك لأن المنافقين يتوهَّمون أنهم أذكياء ، وأنهم استطاعوا أن يلعبوا على الحبلين ، ويعيشوا بوجهين ، وأنهم خادَعوا الله والذين آمنوا ، فإذا لقوا الذين آمنوا قالوا : آمنا ، وإذا خلو إلى شياطينهم قالوا : إنا معكم . . .
ولكن الله تعالى هتك سترهم ، وفضح ذبذبتهم ، وكشف خداعهم في آيات كثيرة :
(البقرة:9).
المهم أنهم فُضِحوا عند الله وعند الناس ، وخسروا الدنيا والآخرة ، وحق عليهم أنهم في الدَرك الأسفل من النار ، فأي غباء أكبر من هذا الغباء ؟
ولا ريب أن من كان هذا وصفه ليس عنده شيء من الفقه .
الخلاصة :
إن الفقه في لغة القرآن ليس هو الفقه الاصطلاحي ، بل هو فقه في آيات الله وفي سننه في الكون والحياة والمجتمع .
حتى التفقه في الدين الذي ورد في سورة التوبة :
(التوبة:122).
لا يُقصد به الفقه التقليدي: فإن الفقه لا يُثمر إنذاراً يترتب عليه حذر أو خشية ، بل هو أبعد شيء عن أداء هذه الوظيفة ، التي هي وظيفة الدعوة .
ومثله قوله * مَن يُرِدِ الله به خيراً يُفَقِهُهُ في الدين(4). والمعنى أن يُنير الله بصيرته فيتعمق في فهم حقائق الدين وأسراره ومقاصده ولا يقف عند ألفاظه وظواهره .

الصفحات