أنت هنا

قراءة كتاب أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة

أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة

كتاب "أولويات الحركة الاسلامية في المرحلة القادمة"؛ الصادر عن مكتبة "وهبة للنشر والتوزيع"؛ يقول الإمام القرضاوي في مقدمته:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10

الحاجة إلى مستويين من الفقه

ونحن في هذا المقام نحتاج إلى مستويين من الفقه :
- الحاجة إلى فقه الشرع :
أولهما : فقه شرعي يقوم على فهم عميق لنصوص الشرع ومقاصده ، حتى يُسلِّم بصحة مبدأ الموازناتالمذكور ، ويعرف الأدلة عليه وهي واضحة لمن استقرأ الأحكام والنصوص وغاص في أسرار الشريعة .
فما جاء الشرع إلا لتحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد ، برتبها المعروفة : الضرورية ، والحاجية ، والتحسينية .
- الحاجة إلى فقه الواقع :
والآخر : فقه واقعي ، مبني على دراسة الواقع المعيش دراسة دقيقة مستوعبة لكل جوانب الموضوع ، معتمدة على أصح المعلومات وأدق البيانات والإحصاءات ، مع التحذير هنا من تضليل الأرقام غير الحقيقية المستندة إلى المنشورات الدعائية ، والمعلومات الناقصة والبيانات غير المستوفية ، والاستبيانات والأسئلة الموجَّهة لخدمة هدف جزئي معيَّن لا لخدمة الحقيقة الكلية .

تكامل الفقهين فـي النظر إلى المصالح والمفاسد

ولا بد أن يتكامل فقه الشرع ، وفقه الواقع ، حتى يمكن الوصول إلى الموازنة العلمية السليمة ، البعيدة عن الغلو والتفريط .
والجانب الشرعي هنا واضح من الناحية المبدئية . فقد تحدثت عنه كتب أصول الفقه من المستصفىإلى الموافقات، وكتب القواعد والأشباه والفروق .
إن المصالح إذا تعارضت فُوِّتت المصلحة الدُّنيا في سبيل المصلحة العُليا ، وضُحِّي بالمصلحة الخاصة من أجل المصلحة العامة ، ويعوض صاحب المصلحة الخاصة عما ضاع من مصالحه ، أو ما نزل به من ضرر ، وألغيت المصلحة الطارئة لتحصيل المصلحة الدائمة أو الطويلة المدى ، وأهملت المصلحة الشكلية لتحقيق المصلحة الجوهرية ، وغلبت المصلحة المتيقنة على المظنونة أو الموهومة .
وفي صلح الحديبية رأينا النبي * يُغَلِّب المصالح الحقيقية والأساسية والمستقبلية على بعض الاعتبارات التي يتمسك بها بعض الناس ، فقَبِلَ من الشروط ما قد يُظن لأول وهلة أن فيه إجحافاً بالجماعة المسلمة ، أو رضًا بالدون ، ورَضِيَ أن تُحذف البسملة المعهودة ، ويُكتَب بدلها باسمك اللهموأن يُمحَى وصف الرسالة من عقد الصلح ، ويُكتفَى باسم محمد بن عبد الله . . والأمثلة كثيرة ، والمجال ذو سعة .
وإذا تعارضت المفاسد والمضار ولم يكن بُدٌّ من بعضها ، فمن المقرَّر أن يُرتكب أخف المفسدتين ، وأهون الضررين .
هكذا قرَّر الفقهاء : أن الضرر يُزال بقدر الإمكان ، وأن الضرر لا يُزال بضرر مثله أو أكبر منه ، وأنه يُتحمل الضرر الأدنى لدفع الضرر الأعلى ، ويُتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام .
ولهذا أمثلة وتطبيقات كثيرة ذكرتها كتب القواعد الفقهيةأو الأشباه والنظائر. .
وإذا تعارضت المصالح والمفاسد ، أو المنافع والمضار ، فالمقرَّر أن يُنظر إلى حجم كل من المصلحة والمفسدة ، وأثرها ومداها . .
فتُغتفر المفسدة اليسيرة لجلب المصلحة الكبيرة .
وتُغتفر المفسدة المؤقتة لجلب المصلحة الدائمة والطويلة المدى .
وتُقبل المفسدة وإن كبرت إذا كانت إزالتها تؤدي إلى ما هو أكبر منها .
وفي الحالات المعتادة : يُقدَّم درء المفسدة على جلب المصلحة .
وليس المهم أن نسلم بهذا الفقه نظريًّا .. بل المهم كل المهم أن نمارسه عمليا ...
فكثير من أسباب الخلاف بين الفصائل العاملة للإسلام ، يرجع إلى هذه الموازنات . .
- هل يُقبل التحالف مع قوى غير إسلامية؟
- هل تُقبل مصالحة أو مهادنة مع حكومات غير ملتزمة بالإسلام ؟
- هل تمكن المشاركة في حكم ليس إسلاميًّا خالصًا ؟ وفي ظل دستور فيه ثغرات أو مواد لا نرضى عنها تمام الرضا ؟
- هل ندخل في جبهة معارضة مكوَّنة من بعض الأحزاب لإسقاط نظام طاغوتي فاجر؟؟
- هل نُقيم مؤسسات اقتصادية إسلامية مع سيطرة الاقتصاد الوضعي الرِّبوي؟؟
- هل نُجيز للعناصر المسلمة العمل في البنوك والمؤسسات الرِّبوية أم نُفرِّغها من كل عنصر متدين ملتزم؟؟

الصفحات