أنت هنا

قراءة كتاب فلسفة الأخلاق بين أرسطو ومسكوية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فلسفة الأخلاق بين أرسطو ومسكوية

فلسفة الأخلاق بين أرسطو ومسكوية

كتاب " فلسفة الأخلاق بين أرسطو ومسكوية " ، تأليف د. ناجي التكريتي ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

تقديم

وددت أن أكتب كتاباً في الفلسفة المقارنة بين أرسطو (384 ق.م – 321 ق.م) ومسكوية (320 – 421هـ)، وجدت أن الفيلسوفين يلتقيان في الفلسفة الأخلاقية، أن لم أقل أن مكسوية قد تأثر كثيراً بفلسفة أرسطو الأخلاقية، إضافة إلى ما احتذته ووعاه من تعاليم الدين الإسلامي، أكثر من هذا، فاستطيع التأكيد أن مسكوية، ما أن يستوعب الفكر ة الفلسفية أو يؤمن بها ويتبناها، حتى يخضعها للتعاليم الإسلامية، قبل أن يستعملها وتفوق من صميم إبداعاته الفكرية.

كل دارس للفلسفة، يعلم علم اليقين، إن الاتجاه نحو الاهتمام بالدراسات الأخلاقية، في الفلسفة اليونانية، قد بدأ على يد الفيلسوف فيتاغورس، المهم في هذا الشأن أن الذي خلف الدراسات الطبيعية وراء ظهره، واتجه اتجاهاً كلياً لدراسة أخلاق الإنسان والاهتمام في شؤونه، هو الفيلسوف سقراط.

أما الفيلسوفان اللذان أرسيا قواعد دراسة الأخلاق في الفكر الفلسفي، هما الفيلسوفان الكبيران: أفلاطون وأرسطو.

اتجه أفلاطون اتجاهاً كلياً إلى الكتابات الأخلاقية، حتى تجاوز عدد كتبه على ست وثلاثين محاورة، الكتاب الوحيد الذي كتبه أفلاطون في الفلسفة الطبيعية، هو كتاب (طيماوس)، مع العلم أن هذا الكتاب يعد ضعيفاً في دراسة الفلسفة الطبيعية، على الرغم من أن أفلاطون حتى في هذا الكتاب قد نحا منحى أخلاقياً.

كتاب أرسطو المشهور في الفلسفة الأخلاقية، هو كتاب (الأخلاق إلى نيقوماخوس) أو (الأخلاق النيموماخية) كتاب أرسطو هذا كتاب شامل وواسع وعميق في شؤون الدراسات الأخلاقية، لقد أثر هذا الكتاب في المدارس اليونانية المتأخرة، ثم تجاوز أثره إلى الفلاسفة المسيحيين والفلاسفة الإسلاميين في العصور الوسطية، أنه في الحقيقة إلى الآن يعد مرجعاً في الفلسفة الأخلاقية، يعتمد عليه الدارسون والأكاديميون.

أما كتاب مسكوية (تهذيب الأخلاق) فيعد أهم كتبه التي كتبها في الفلسفة الأخلاقية، لقد كان لكتاب مسكوية هذا أثر جميل في الدراسات الأخلاقية الإسلامية، لقد تناوله الباحثون في الدرس، كما أولاه الفلاسفة عناية خاصة، وأخذوا منه وتأثروا به، أنه في الحقيقة ما زال حتى الآن يُشعر القارئ بالحيوية والجد في مجال المواضيع التي تناولها الفيلسوف.

لا شك أن مسكوية قد تأثر بمن سبقه من أفكار الفلاسفة واقتبس من آرائهم، واستعمل مقولاتهم، أنه قد تأثر بكتاب (الأخلاق النيقومافية) لأرسطو، كما أنه قد تأثر بكتاب (تهذيب الأخلاق) ليحيى بن عدي التكريتي، وكتاب (الطب الروحاني) للرازي، وكتاب (دفع الأحزان) للكندي.. وغيرهم.

أرسطو نفسه، ما هو إلا صدى لكتابات أستاذه أفلاطون الأخلاقية، لو أراد الباحث أن يحلل أفكار أرسطو جزء بعد جزءـ لاكتشف أن آراء أرسطو الأخلاقية مستقاة من فلسفة أفلاطون، على أنها كتبت بأسلوب أرسطو العالم المنطقي المدقق.

إن هذا في رأيي شيء طبيعي، في كل حقل من حقول المعرفة، توجد مقولة فلسفية، تذهب في الرأي إلى أنه لا يوجد شيء من لا شيء، بل كل شيء يعتمد على شيء سبقه، وأنه اعتمد أو أنه من ثمر ذلك الشيء.

لو تتبعنا فلسفة أي فيلسوف، أو فكر أي مفكر، أو علم أي عالم، أو أدب أي أديب، أو فن أي فنان، لوجدنا أنه قد اعتمد على من سبقه من المبدعين، في الحقل الذي يكتب فيه، الأهمية تكمن هنا، في مقدار الإبداع الشخصي الذي يضيفه الفيلسوف إلى من سبقه في الحقل الذي ولجه نفسه.

لا شك أن فلسفتي أفلاطون وأرسطو قد أثرتا في الفكر الإنساني جنباً إلى جنب، حتى عرفت المدارس التي تأثرت بأفلاطون أو تبعث تعاليمه بالمدارس الأكاديمية.

أما الفلاسفة الذين تأثروا بفلسفة أرسطو فقد عرفوا بالمشائين.

يقال أن أرسطو، بعد ما جرى لسقراط خاف على نفسه، فكان يدرس طلابه وهو يتمشى، حتى عرف إتباعه بالمشائين، الفلاسفة المسلمون، شأنهم شأن الآخرين قد درسوا كتب أرسطو، وتأثروا بمنطقه وبكتابه على الأخلاق.

لقد أحب العرب أرسطو واحترموا أفكاره، وتشبعوا بفلسفته، حتى أطلقوا عليه مصطلح (المعلم الأول) كونه رائداًَ كبيراً في المنطق والسياسة والأخلاق والبلاغة والشعر.

أرسطو في الحقيقة، هو الذي اتجه في الكتابة الفلسفية اتجاهاً علمياً دقيقاً، أنه بعبارة أخرى طبق نظرية سقراط بإنزال الفلسفة من السماء عملياً، أي أنه وضع النظريات في الأخلاق والسياسة والمنطق والفن، إذ كان أفلاطون قد سبقه في ذلك، غير أن أسلوب أفلاطون الكتابي لا هو بالشعر ولا هو بالنثر، بل أن أفلاطون كتب فلسفته التي عبر بها عن فكر سقراط بطريقة الحوار، للوصول إلى الحقيقة.

لا شك أن أرسطو نظر إلى الإنسان نظرة موضوعية، فقال: إن الإنسان حيوان ناطق أو أن الإنسان مدني بالطبع، أنه في الوقت بشر بالعدالة، وأن تكون الحرية نصيب الفرد والجماعة على السواء، أما عن علاقة الحاكم بالمحكوم، فإنه أوصى الملك أن يرعى أبناء شعبه، كما يرعى رب العائلة أفراد عائلته، وأن يهتم بهم كاهتمام الطبيب بمرضاه.

يرى أرسطو أن نتعامل مع الإنسان كإنسان، كما هو عليه حاله، لا كما نريده أن يكون، إن الإنسان حيوان عاقل، وهو ليس كامل التكوين، بل أن ديدنة السعي نحو الكمال، يكفي الإنسان فخراً أنه كائن اجتماعي وعضو في المجتمع الإنساني، ومن خلال التعاون بين بني الإنسان يكون التقدم والازدهار.

لم يقترب أرسطو من السياسة عملياً، ولا اكتوى بنارها.

إنه اعتقد أن الاشتراك في السياسة عملياً تشغل الفيلسوف عن أداء عمله الأصلي الذي أوقف حياته من أجله.

مع ذلك لقي من عنت السياسيين والحاسدين، من خلال الصراع بين أثينا ومقدونيا، ولاسيما بعد وفاة تلميذه الأسكندر.

تجمع المصادر أن أرسطو كان رجلاً فاضلاً في سيرته، حتى قبل أن يكتب كتابه (علم الأخلاق) مع ذلك فإن أرسطو يرى أن على المرء إلا يكتفي بالعلم المجرد ليكون فاضلاً، كما أن الفضيلة ليست كلمة يطلقها الإنسان، بل أن الفضيلة ممارسة ومران.

الصفحات